لِأَنَّ الْمَدَّ فِي أَوَّلِهِ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ لِكَوْنِهِ اسْتِفْهَامًا، وَفِي آخِرِهِ لَحْنٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ (وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) لِقَوْلِهِ ﵊ لِأَنَسٍ ﵁ «إذَا رَكَعْتَ فَضَعْ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ» وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيجِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِيَكُونَ أَمْكَنَ مِنْ الْأَخْذِ، وَلَا إلَى الضَّمِّ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ (وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﵊ كَانَ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ»،
قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ اسْتِفْهَامًا) فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ مَدَّ أَلِفَ اللَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَخِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ كَانَ قَاصِدًا، وَكَذَا لَوْ مَدَّ أَلِفَ أَكْبَرُ أَوْ بَاءَهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا لِأَنَّ أَكْبَارًا جَمْعُ كَبَرٍ وَهُوَ الطَّبْلُ، وَقِيلَ اسْمٌ لِلشَّيْطَانِ، وَلَوْ مَدَّ هَاءَ اللَّهُ فَهُوَ خَطَأٌ لُغَةً وَكَذَا لَوْ مَدَّ رَاءَهُ، وَمَدُّ لَامِ " اللَّهُ " صَوَابٌ، وَجَزْمُ الْهَاءِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ (قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ) نَاصِبًا سَاقَيْهِ وَإِحْنَاؤُهُمَا شِبْهُ الْقَوْسِ كَمَا تَفْعَلُ عَامَّةُ النَّاسِ مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ﵊ لِأَنَسٍ ﵁) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَذَهَبَتْ بِي أُمِّي إلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ رِجَالَ الْأَنْصَارِ وَنِسَاءَهُمْ قَدْ أَتْحَفُوكَ وَلَمْ أَجِدْ مَا أُتْحِفُكَ إلَّا ابْنِي هَذَا فَاقْبَلْهُ مِنِّي يَخْدُمُكَ مَا شِئْتَ، قَالَ: فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ فَلَمْ يَضْرِبْنِي ضَرْبَةً قَطُّ وَلَمْ يَسُبَّنِي وَلَمْ يَعْبِسْ فِي وَجْهِي» فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ إلَى أَنْ قَالَ فِيهِ: يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ «يَا بُنَيَّ إذَا رَكَعْتُ فَضَعْ كَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ وَارْفَعْ يَدَيْكَ عَنْ جَنْبَيْكَ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ صِفَةِ صَلَاتِهِ ﵊ «أَنَّهُ رَكَعَ فَوَضَعَ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ» وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا أَثَرُ التَّطْبِيقِ فَمَنْسُوخٌ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: " صَلَّيْت إلَى جَنْبِ أَبِي وَطَبَّقْت بَيْنَ كَفِّي ثُمَّ وَضَعْتهمَا بَيْنَ فَخِذِي، فَنَهَانِي أَبِي وَقَالَ: كُنَّا نَفْعَلُ فَنُهِينَا عَنْهُ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ إلَّا فِي السُّجُودِ ".
قِيلَ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ فِيهِ، فَبِالضَّمِّ يَنَالُ أَكْثَرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي، فَكَانَ إذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَاسْتَقَرَّ» وَرَوَى أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute