آمِينَ وَيَقُولُهَا الْمُؤْتَمُّ) لِقَوْلِهِ ﵊ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» وَلَا مُتَمَسَّكَ لِمَالِكٍ ﵀ فِي قَوْلِهِ ﵊ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا قَالَ (وَيُخْفُونَهَا) لِمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فَيَكُونُ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِخْفَاءِ،
شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إنَّ الرُّوَاةَ رَوَوْا بِالْمَعْنَى مَعَ اقْتِصَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضِ الْجُمَلِ الْمَنْقُولَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ (قَوْلُهُ وَيَقُولُهَا الْمُؤْتَمُّ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ فِي السَّرِيَّةِ إذَا سَمِعَهُ أَوْ فِي الْجَهْرِيَّةِ، وَفِي السَّرِيَّةِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَقُولُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْجَهْرَ لَا عِبْرَةَ بِهِ.
وَعَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ يُؤَمِّنُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَبِهِ يَثْبُتُ تَأْمِينُ الْإِمَامِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ تَأْمِينُهُ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ لَمْ يُسَقْ لَهُ النَّصُّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ: أَعْنِي قَوْلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا، وَهِيَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ.
وَحَدِيثُ الْقِسْمَةِ فِي الصَّحِيحِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» (قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ) الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرٌ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا بَلَغَ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ آمِينَ وَأَخْفَى بِهَا صَوْتَهُ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ حُجْرٌ بْنِ الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ بْنِ حُجْرٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ «وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ» فَقَدْ خَالَفَ سُفْيَانُ شُعْبَةَ فِي الرَّفْعِ، وَفِي أَنَّ حُجْرًا أَبُو الْعَنْبَسِ أَوْ ابْنُ الْعَنْبَسِ وَفِي عَدَمِ ذِكْرِ عَلْقَمَةَ، وَفِيهِ عِلَّةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ قَالَ: إنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ هَلْ سَمِعَ عَلْقَمَةُ مِنْ أَبِيهِ فَقَالَ: إنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ. غَيْرَ أَنَّ هَذَا انْقِطَاعٌ إنْ تَمَّ، وَقَدْ رَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ سُفْيَانَ أَنَّهُ أَحْفَظُ، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ شُعْبَةَ فِي الْحَدِيثِ رَافِعًا صَوْتَهُ.
وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ فَإِنَّهُ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْهُ ﷺ الْإِخْفَاءُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ آمِينَ عَنْ النَّخَعِيِّ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ كَانَ إلَيَّ فِي هَذَا شَيْءٌ لَوَفَّقْت بِأَنَّ رِوَايَةَ الْخَفْضِ يُرَادُ بِهَا عَدَمُ الْقَرْعِ الْعَنِيفِ، وَرِوَايَةَ الْجَهْرِ بِمَعْنَى قَوْلِهَا فِي زِبْرِ الصَّوْتِ وَذَيْلِهِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا فِي ابْنِ مَاجَهْ «كَانَ ﷺ إذَا تَلَا ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ آمِينَ حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ» وَارْتِجَاجُهُ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute