وَعَنْهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا احْتِيَاطًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَلَا يَأْتِي بِهَا بَيْنَ السُّورَةِ وَالْفَاتِحَةِ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ
(ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَيِّ سُورَةٍ شَاءَ) فَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَتَعَيَّنُ رُكْنًا عِنْدَنَا، وَكَذَا ضَمُّ السُّورَةِ إلَيْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀ فِي الْفَاتِحَةِ وَلِمَالِكٍ ﵀ فِيهِمَا.
لَهُ قَوْلُهُ ﵊ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا»
الْحَسَنِ عَنْهُ (وَعَنْهُ) وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ (أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَهُوَ قَوْلُهُمَا) وَجْهُهَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَاخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي كَوْنِهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا، وَمُقْتَضَى هَذَا سُنِّيَّتُهَا مَعَ السُّورَةِ لِثُبُوتِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ إلَخْ وَوُجُوبُ السُّورَةِ كَالْفَاتِحَةِ
(قَوْلُهُ وَلِمَالِكٍ فِيهِمَا) مُنِعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا». وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَاقْتَصَرَ عَلَى لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ إلَخْ، وَسَكَتَ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ مَعْلُولٌ بِأَبِي سُفْيَانَ طَرِيفِ بْنِ شِهَابٍ السَّعْدِيِّ. وَعَنْهُ رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ فِي مُسْنَدِهِ نُقِلَ عَنْ أَبِي مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ تَضْعِيفُهُ وَلَيَّنَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْمُتُونِ بِأَشْيَاءَ لَا يَأْتِي بِهَا غَيْرُهُ وَأَسَانِيدُهُ مُسْتَقِيمَةٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَمَعَهَا غَيْرُهَا» وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَا فِي أَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أُنَادِيَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فَتَأَمَّلْهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀، رَوَاهُ الْحَارِثِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ بِسَنَدِهِمَا لَكِنْ فِي الطَّرِيقِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ مَنْ ضُعِّفَ، وَفِي طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ فِيهِ فِي الْحَجِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ») فِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَفِيهِ أَنَّهُ مُشْتَرَكُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ النَّفْيَ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى النِّسَبِ لَا نَفْسِ الْمُفْرَدِ، وَالْخَبَرُ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْجَارِ مَحْذُوفٌ فَيُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ صَحِيحَةً فَيُوَافِقُ رَأْيَهُ، أَوْ كَامِلَةً فَيُخَالِفُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْمَجْرُورِ الْوَاقِعِ خَبَرًا اسْتِقْرَارٌ عَامٌّ.
فَالْحَاصِلُ لَا صَلَاةَ كَائِنَةٌ، وَعَدَمُ الْوُجُودِ شَرْعًا هُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ.
بِخِلَافِ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَخْ.
وَلَا صَلَاةَ لِلْعَبْدِ الْآبِقِ فَإِنَّ قِيَامَ الدَّلِيلِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْجَبَ كَوْنَ الْمُرَادِ كَوْنًا خَاصًّا: أَيْ كَامِلَةً، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مِنْ حَذْفِ الْخَبَرِ لَا مِنْ وُقُوعِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ خَبَرًا، فَلِذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ إلَى الظَّنِّيَّةِ فِي الثُّبُوتِ، وَبِهِ لَا يَثْبُتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute