قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ الْخِيَارَ وَأَيُّهُمَا نَقَضَ انْتَقَضَ) وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ مَوَاجِبِ الْعَقْدِ وَأَحْكَامِهِ، فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِهِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي.
الْبَائِعِ يَنْتَقِلُ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُمْ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ) يَعْنِي لِغَيْرِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ عَاقِدًا وَإِلَّا فَغَيْرُهُ يَصْدُقُ عَلَى الْبَائِعِ (فَأَيُّهُمَا أَجَازَ) مِنْ الشَّارِطِ الْعَاقِدِ أَوْ الْمَشْرُوطِ لَهُ الَّذِي هُوَ غَيْرُهُ (جَازَ، وَأَيُّهُمَا نَقَضَ) الْبَيْعَ (انْتَقَضَ) فَلَفْظُ مَنْ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ وَهِيَ " أَيُّهُمَا أَجَازَ " خَبَرُهُ، وَإِذَا تَضَمَّنَ الْمُبْتَدَأُ مَعْنَى الشَّرْطِ جَازَ دُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِهِ نَحْوُ: الَّذِي يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ (وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ جَوَازُ اشْتِرَاطِهِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ (أَنَّ جَوَازَهُ اسْتِحْسَانٌ. وَفِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ) وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَبِقَوْلِنَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إلَّا أَنَّ فِي ثُبُوتِهِ لِلْعَاقِدِ مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَجْهَيْنِ: وَفِي وَجْهٍ يَثْبُتُ لَهُمَا، وَفِي وَجْهٍ يَثْبُتُ لِلْغَيْرِ وَحْدَهُ. وَعَلَى قَوْلِهِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ زُفَرَ فِيهِ وَجْهَانِ وَفِي وَجْهٍ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَفِي وَجْهٍ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَجْهُ (قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ الْخِيَارَ مِنْ مُوَاجِبِ الْعَقْدِ وَأَحْكَامِهِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي) وَاشْتِرَاطُ مِلْكِ الْمَبِيعِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَاشْتِرَاطُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ وَانْبِرَامِهِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ وَالْبَيْعُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ، وَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَمَسُّ إلَى اشْتِرَاطِهِ لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّ شَرْعِيَّتَهُ لِاسْتِخْلَاصِ الرَّأْيِ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ قُصُورَ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ غَيْرَ وَاثِقٍ بِهَا فِي ذَلِكَ بَلْ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُ حَزْمَهُ وَجَوْدَةَ رَأْيِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِالْقِيَمِ وَأَحْوَالِ الْبِيَاعَاتِ، فَيَشْتَرِطُ الْخِيَارَ لَهُ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ فَيَجِبُ تَصْحِيحُهُ، وَأَجْنَبِيَّتُهُ عَنْ الْعَقْدِ إنَّمَا تَمْنَعُ إنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ مَانِعِيَّتِهِ لَوْ أَجَزْنَاهُ أَصْلًا مُسْتَقِلًّا، لَكِنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute