قَالَ (فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ بِالثَّمَنِ، وَكَذَا إذَا دَخَلَهُ عَيْبٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَهُ عَيْبٌ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ، وَالْهَلَاكُ لَا يَعْرَى عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ فَيَهْلِكُ، وَالْعَقْدُ قَدْ انْبَرَمَ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ بِدُخُولِ الْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ حُكْمًا بِخِيَارِ الْبَائِعِ فَيَهْلِكُ وَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ
لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِالْمِلْكِ وَلِذَا لَا تَثْبُتُ بِحَقِّ السُّكْنَى لَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا إذَا بِيعَتْ بِجِوَارِهَا بِالِاتِّفَاقِ وَالْإِجْمَاعِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِهَا تَصَرُّفًا لَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ يَسْتَحِقُّهَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجِوَارِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَحَاصِلُ هَذَا مَعَ قَصْرِ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ عَلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ بَلْ هُوَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مُعَلَّلَةً بِانْبِرَامِ الْبَيْعِ فِي ضِمْنِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فَيَثْبُتُ مُقْتَضًى تَصْحِيحًا، وَمَا فِي الْأَجْنَاسِ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إذَا رَآهَا وَيَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ (فَإِنْ هَلَكَ) الْمَبِيعُ (فِي يَدِ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (هَلَكَ بِالثَّمَنِ، وَكَذَا إذَا دَخَلَهُ عَيْبٌ) لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَأَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ مَرِضَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى خِيَارِهِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَرِيضًا بَلْ حَتَّى يَبْرَأَ فِي الْمُدَّةِ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَبْرَأْ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَبْطُلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي فِي كُلِّ عَيْبٍ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ إلَّا فِي خَصْلَةٍ، وَهِيَ أَنَّ النُّقْصَانَ إذَا حَصَلَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِفِعْلِ الْبَائِعِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، بَلْ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الْأَرْشَ مِنْ الْبَائِعِ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ هَلَكَ بِالثَّمَنِ: يَعْنِي الْفَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالْقِيمَةِ، وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ هُوَ أَنَّ الْهَلَاكَ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ وَدُخُولُ الْعَيْبِ يَمْنَعُ الرَّدَّ حَالَ قِيَامِهِ كَائِنًا مَا كَانَ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ لَمْ تُوجَدْ حَالَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِلرَّدِّ فَيَهْلِكُ وَقَدْ انْبَرَمَ الْعَقْدُ، وَانْبِرَامُ الْعَقْدِ يُوجِبُ الثَّمَنَ لَا الْقِيمَةَ (بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ كَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ حُكْمًا لِخِيَارِ الْبَائِعِ (فَيَهْلِكُ وَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ) فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ بَلْ الْقِيمَةَ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute