للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا بِالْقِيَاسِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيَاسٌ آخَرُ وَإِلَيْهِ مَال زُفَرُ وَهُوَ أَنَّهُ بَيْعٌ شُرِطَ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالشَّرْطِ، وَاشْتِرَاطُ الصَّحِيحِ مِنْهَا فِيهِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، فَاشْتِرَاطُ الْفَاسِدِ أَوْلَى وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّا.

قَالَ (وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)؛ لِأَنَّ تَمَامَ هَذَا السَّبَبِ بِالْمُرَاضَاةِ وَلَا يَتِمُّ مَعَ الْخِيَارِ وَلِهَذَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ.

وَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ فَأَخَذَ فِي الْأَصْلِ بِالْأَثَرِ: يَعْنِي أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي جَوَازِ شَرْطِ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَخَذَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْقِيَاسِ: أَيْ فِي نَفْيِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثَةِ.

وَأَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ فَبِحَدِيثِ ابْنِ الْبَرْصَاءِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ لَهُ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ. هَذَا مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ هُنَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْهُ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُرَجِّحُوا عَنْهُ شَيْئًا وَحَكَمُوا عَلَى قَوْلِهِ بِالِاضْطِرَابِ (وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيَاسٌ آخَرُ) يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ هَذَا الْبَيْعُ أَصْلًا (وَهُوَ أَنَّهُ بَيْعٌ شُرِطَتْ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ دَفْعِ الثَّمَنِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَالْإِقَالَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ)؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ حَتَّى جُعِلَتْ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقٍّ ثَالِثٍ، وَهُوَ لَوْ شَرَطَ الْإِقَالَةَ الصَّحِيحَةَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَعْلَقْ بِالشَّرْطِ قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنْ أُقِيلُك وَتَقْبَلُهَا أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك عَلَى أَنْ تُقِيلَنِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ (فَاشْتِرَاطُ الْفَاسِدَةِ أَوْلَى) وَبِهَذَا الْقِيَاسِ قَالَ زُفَرُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، فَكُلُّهُمْ مَنَعُوا صِحَّةَ الْبَيْعِ. وَالْوَجْهُ عَلَيْهِمْ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّاهُ.

(قَوْلُهُ وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ هَذَا السَّبَبِ) الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ (بِالْمُرَاضَاةِ) لِمَا عُرِفَ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (وَلَا يَتِمُّ) الرِّضَا (مَعَ الْخِيَارِ)؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ عَدَمَ الرِّضَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَتِمَّ السَّبَبُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَّا مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الرِّضَا فَلَا يُوجِبُ حُكْمَهُ فِي حَقِّهِ فَلَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ؛ فَلِهَذَا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَنَفَذَ عِتْقُهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ فِيهِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهِ بِلَا اخْتِلَالٍ، وَبِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ يُعْرَفُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>