وَلَهُمَا رِوَايَةُ أَنَسٍ ﵁ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ وَقَرَأَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ إلَى آخِرِهِ» وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ
اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».
ثُمَّ يَكُونُ آخِرُ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي».
فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِرِوَايَةِ جَابِرٍ عَنْهُ ﷺ «إنَّهُ كَانَ إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ. وَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا رِوَايَةُ أَنَسٍ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵃ الِاسْتِفْتَاحَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَى آخِرِهِ، مَرْفُوعًا إلَّا عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى عُمَرَ، وَرَفَعَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: الْمَحْفُوظُ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ وَضَعَّفَاهُ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُثْمَانَ ﵁ مِنْ قَوْلِهِ. وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ مِنْ قَوْلِهِ.
وَفِي أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «كَانَ ﷺ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ كَبَّرَ ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ثَلَاثًا، تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ، ثُمَّ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثًا، أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ» وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَشْهَرُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَالَ أَيْضًا: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَكَلَّمُ فِي عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ اهـ. وَعَلِيُّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نَجَدِ بْنِ رِفَاعَةَ وَثَّقَهُ وَكِيعُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَكَفَى بِهِمْ، وَلِمَا ثَبَتَ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ ﵁ وَغَيْرِهِ «الِافْتِتَاحُ بَعْدَهُ ﵊ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ» مَعَ الْجَهْرِ بِهِ لِقَصْدِ تَعْلِيمِ النَّاسِ لِيَقْتَدُوا وَيَأْنَسُوا كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ﷺ آخِرَ الْأَمْرِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ الْأَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ كَانَ رَفْعُ غَيْرِهِ أَقْوَى عَلَى طَرِيقِ الْمُحَدِّثِينَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَسْكُتُ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِسُنِّيَّتِهِ عَيْنًا أَحَدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمَرْفُوعِ أَوْ الْمَرْفُوعَ الْمَرْجُوحَ فِي الثُّبُوتِ عَنْ مَرْفُوعٍ آخَرَ قَدْ يُقَدَّمُ عَلَى عَدِيلِهِ إذَا اقْتَرَنَ بِقَرَائِنَ تُفِيدُ أَنَّهُ صَحِيحٌ عَنْهُ ﵊ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ) يُؤَيِّدُ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَالنَّسَائِيُّ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ إذَا قَامَ يُصَلِّي تَطَوُّعًا قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَجَّهْتُ وَجْهِي» إلَى آخِرِهِ، فَيَكُونُ مُفَسِّرًا لِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute