للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِلْكُهُ حَتَّى يَجْرِيَ الْإِرْثُ فِيهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (وَمَا بَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّتْ عُقُودُهُ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجُوزُ مَا صَنَعَ فِي الْوَجْهَيْنِ. اعْلَمْ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى أَقْسَامٍ: نَافِذٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالِاسْتِيلَادِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ وَتَمَامِ الْوِلَايَةِ. وَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالنِّكَاحِ وَالذَّبِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَلَا مِلَّةَ لَهُ.

أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ إلَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ قُضِيَ مِنْهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْكَسْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِلْكُهُ عِنْدَهُمَا) حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِمَا الْإِرْثُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا بَاعَهُ) الْمُرْتَدُّ (أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ رَهَنَهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (اعْلَمْ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى أَقْسَامٍ: نَافِذَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالِاسْتِيلَادِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ فِي الِاسْتِيلَادِ، وَلَا إلَى تَمَامِ الْوِلَايَةِ) فِي الطَّلَاقِ، فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ يَصِحُّ فِي جَارِيَةِ الِابْنِ وَحَقُّ الْمُرْتَدِّ فِي مَالِهِ أَقْوَى مِنْ الْأَبِ فِي جَارِيَةِ ابْنِهِ، وَلِذَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَوْلَى وَلَدَ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ وَحَقُّ الْمُرْتَدِّ فِي مَالِهِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَوْقُوفٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، حَتَّى إذَا أَسْلَمَ كَانَ لَهُ بِلَا سَبَبٍ جَدِيدٍ وَلَا مِلْكَ لِلْأَبِ وَالْمَوْلَى فِيهِمَا، وَالطَّلَاقُ يَقَعُ مِنْ الْعَبْدِ مَعَ قُصُورِ وِلَايَتِهِ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ بِالرِّدَّةِ تَحَقَّقَتْ الْفُرْقَةُ فَكَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ.

أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ امْتِنَاعُ الطَّلَاقِ، وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْمُبَانَةَ يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِالرِّدَّةِ مِنْ قَبِيلِ الْفُرْقَةِ الَّتِي يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَلْزَمُهَا الْفُرْقَةُ كَمَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَالْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْنَى عَلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ (وَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالنِّكَاحِ وَالذَّبِيحَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَلَا مِلَّةَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>