للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَقَرُّرِهِ بِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَقْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَوْتًا بِالْقَضَاءِ، وَالْمُرْتَدَّةُ إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. .

(وَتُقْضَى الدُّيُونُ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ، وَمَا لَزِمَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ مِنْ الدُّيُونِ يُقْضَى مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَصَمَهُ اللَّهُ: هَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكَسْبِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ يُقْضَى مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ وَعَنْهُ عَلَى عَكْسِهِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالسَّبَبَيْنِ مُخْتَلِفٌ. وَحُصُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَسْبَيْنِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ فَيُقْضَى كُلُّ دَيْنٍ مِنْ الْكَسْبِ الْمُكْتَسَبِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ.

وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ كَسْبَ الْإِسْلَامِ مِلْكُهُ حَتَّى يَخْلُفَهُ الْوَارِثُ فِيهِ، وَمِنْ شَرْطِ هَذِهِ الْخِلَافَةِ الْفَرَاغُ عَنْ حَقِّ الْمُوَرِّثِ

لَزِمَ لِتَقَرُّرِهِ بِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ) أَيْ احْتِمَالِ عَوْدِهِ: أَيْ اللَّحَاقُ لَا يُوجِبُ أَحْكَامَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا وَهُوَ أَمْرٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَبِالْقَضَاءِ بِهِ يَتَقَرَّرُ. (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا (وَقْتَ الْقَضَاءِ) حَتَّى لَوْ كَانَ مَنْ بِحَيْثُ يَرِثُ وَقْتَ الرِّدَّةِ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا وَوَقْتَ الْقَضَاءِ مُسْلِمًا مُعْتَقًا وَرِثَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَهَذَا (لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّحَاقَ إنَّمَا (يَصِيرُ مَوْتًا بِالْقَضَاءِ)؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ غَيْبَةً فَتَقَرُّرُهَا بِالْقَضَاءِ بِهِ، وَبِتَقَرُّرِهِ يَصِيرُ مَوْتًا وَالْإِرْثُ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَدَّمْنَا تَمَامَ وَجْهَيْ الْقَوْلَيْنِ (وَالْمُرْتَدَّةُ إذَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهِيَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ) فِي الْمُرْتَدِّ وَعَلَى الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ عِتْقِ مُدَبَّرِيهَا وَحُلُولِ دُيُونِهَا.

(قَوْلُهُ: وَتُقْضَى دُيُونُهُ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ، وَدُيُونُهُ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ) وَعَلَى هَذَا فَإِنْ فَضَلَ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ عَنْ دُيُونِ الْإِسْلَامِ شَيْءٌ وَرِثَتْهُ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا لَا يَرِثُونَ شَيْئًا، وَلَوْ فَضَلَ عَنْ دُيُونِ الرِّدَّةِ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُورَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ كَسْبُ الرِّدَّةِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) قِيلَ رَوَاهَا زُفَرُ عَنْهُ، وَلَمْ يَنْسُبْ الْكَرْخِيُّ هَذَا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ قَالَ: وَقَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ: مَا لَحِقَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِهِ (وَعَنْهُ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكَسْبِ الْإِسْلَامِ) فَيُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنَانِ جَمِيعًا، فَإِنْ وَفَّى فَكَسْبُ الرِّدَّةِ فَيْءٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُ الْوَرَثَةُ شَيْئًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ شَيْءٌ عَنْ الدَّيْنَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَفِ كُمِّلَ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ) وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ (وَعَنْهُ عَلَى عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يُقْضَى الدَّيْنَانِ جَمِيعًا مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ، فَإِنْ وَفَّى بِالدُّيُونِ وَرِثَتْ الْوَرَثَةُ كَسْبَ الْإِسْلَامِ كُلَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ كُمِّلَ مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ وَوَرِثَتْ الْوَرَثَةُ مَا فَضَلَ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ (وَجْهُ الْأَوَّلِ) وَهُوَ التَّفْصِيلُ (أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالسَّبَبَيْنِ) وَهُوَ دَيْنُ الْإِسْلَامِ وَدَيْنُ الرِّدَّةِ (مُخْتَلِفٌ، وَحُصُولُ كُلٍّ مِنْ الْكَسْبَيْنِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ فَيُقْضَى كُلُّ دَيْنٍ مِنْ الْكَسْبِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ؛ لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَجْهُ الثَّانِي) وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ (أَنَّ كَسْبَ الْإِسْلَامِ مِلْكُهُ حَتَّى يَخْلُفَهُ الْوَارِثُ فِيهِ، وَمِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الْخِلَافَةِ الْفَرَاغُ عَنْ حَقِّ الْمُوَرِّثِ) وَهُوَ مِقْدَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>