للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسُبُّهُ مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ فِي نِصْفِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعُلُوقُ إذْ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لَا يَنْعَلِقُ مِنْ مَاءَيْنِ.

(وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا (وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبَهُ إذْ هُوَ قَابِلٌ لِلْمِلْكِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا)؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً، إذْ الْمِلْكُ يَثْبُتُ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَعَقَّبُهُ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَالِكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ (وَلَا يَغْرَمُ قِيمَةَ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ

قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) سَوَاءً كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا، وَأَعْتَقَ الْآخَرَ مَعًا فَالدَّعْوَةُ أَوْلَى لِتَضَمُّنِهَا ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ دُونَ إعْتَاقِ الْآخَرِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ فِي نِصْفِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مِنْ الْجَارِيَةِ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي، وَلَفْظُ " فِي " يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى " مِنْ " الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ: أَيْ ثَبَتَ مِنْ نِصْفِ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكِ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلتَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ» أَيْ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ بِسَبَبِ نِصْفِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي يَنْبُو عَنْهُ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّهُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ نِصْفِ الْأُمِّ فَيَثْبُتُ مِنْ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ أَيْ النَّسَبُ لَا يَتَجَزَّأُ ثُبُوتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ، فَثُبُوتُهُ مِنْ بَعْضِهَا هُوَ عَيْنُ ثُبُوتِهِ مِنْ كُلِّهَا. وَلَا يُقَالُ: سَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ رَجُلَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَجْزِئَةٌ مِنْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ مِنْ كُلِّهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا مِنْ بَعْضِهَا لِوَاحِدٍ وَمِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ لِلْآخَرِ، وَإِنَّمَا لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْعُلُوقُ لَا يَتَجَزَّأُ فِي امْرَأَةٍ، بِأَنْ عَلِقَ الْوَلَدُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ عَلَى قَوْلِنَا؛ لِأَنَّهَا إذَا عَلِقَتْ مِنْ الْأَوَّلِ انْسَدَّ فَمُ الرَّحِمِ فَلَا تَعْلَقُ مِنْ الْآخَرَ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِنَا لَا يَمْتَنِعُ، بَلْ وَاقِعٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ مُثْبِتِي الْقِيَافَةَ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

فَعَدَمُ التَّجَزِّي أَنْ لَا يَعْلَقَ الْوَلَدُ بِنِصْفِهَا (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) اتِّفَاقًا أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ كَمَا لَا يَتَجَزَّأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>