. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ فِي عَدَمِ تَدَاخُلِ الْمُدَّتَيْنِ: أَعْنِي قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ يَوْمٍ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ كَمَا ذَكَرَ، وَلَكِنْ تَتَدَاخَلُ الْمُدَّتَانِ، فَلَوْ قَرِبَهَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى شَهْرَيْنِ يَمِينَانِ بَلْ عَلَى كُلِّ شَهْرَيْنِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ تَوَارَدَ شُرُوحُ الْهِدَايَةِ مِنْ النِّهَايَةِ، وَغَايَةُ الْبَيَانِ عَلَى الْخَطَإِ عِنْدَ كَلَامِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاحْذَرْهُ، فَلَوْ قَرِبَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ أَطْلَقَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ فَصَاعِدًا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ قَالَ كَذَلِكَ فَقَرِبَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ لِلتَّدَاخُلِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ سَاعَةٌ بَعْدَهَا تَبِينُ بِأُخْرَى إذَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَعِنْدَ تَمَامِ الثَّالِثَةِ تَبِينُ بِثَالِثَةٍ بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ مَا مَضَى فِي الْكِتَابِ فِي تَأْبِيدِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَاتِ هُنَاكَ تَنْزِلُ مُتَعَاقِبَةً بِوَاسِطَةِ تَأْبِيدِ الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ، فَجَاءَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ الثَّانِي فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَا.
وَمَنْ مَنَعَهُ قَالَ: لَا يُبْتَدَأُ الْإِيلَاءُ إلَّا فِي حَالٍ يَكُونُ بِالْمَنْعِ ظَالِمًا، أَمَّا هُنَا فَالْإِيلَاءَاتُ الثَّلَاثَةُ صُرِّحَ بِهَا فِي حَالِ الْعِصْمَةِ وَهُوَ حَالُ تَحَقُّقِ ظُلْمِهِ بِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ عَلَى قِيَامِ النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ قَالَ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ لَمْ تَقَعْ الثَّالِثَةُ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا فَيَقَعُ بِحُكْمِ تَأْبِيدِ الْيَمِينِ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ. وَمِثَالُ اتِّحَادِهِمَا: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ. وَفِي الْكَافِي فِي نَظِيرِهِ: كُلَّمَا كَلَّمْت وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَكَلَّمَتْهُمَا مَعًا، وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ فَإِنَّ بِتَكْلِيمِهِمَا مَعًا لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ، بَلْ لَوْ كَلَّمْت أَحَدَهُمَا بَعْدَهُمَا ثَبَتَ الْإِيلَاءُ، فَالظَّاهِرُ كَوْنُ هَذَا مِنْ صُوَرِ تَعَدُّدِ الْبَرِّ. فَإِنَّ عِلَّةَ التَّعَدُّدِ فِيمَا بَعْدَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا فِي هَذِهِ.
وَمِثَالُ تَعَدُّدِ الْبَرِّ وَاتِّحَادِ الْيَمِينِ: كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَدَخَلَتْهَا فِي يَوْمٍ ثُمَّ فِي يَوْمٍ آخَرَ ثُمَّ فِي يَوْمٍ آخَرَ، فَإِنْ قَرِبَهَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، فَإِذَا مَضَى يَوْمٌ آخَرُ بَانَتْ بِأُخْرَى، وَإِذَا مَضَى يَوْمٌ آخَرُ بَانَتْ بِالثَّالِثَةِ، وَفِي هَذَا الْمِثَالِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ وَقَعَ جَزَاءً لِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ فَيَلْزَمُ تَكَرُّرُهُ. وَلَا يَشْكُلُ بِأَنَّهُ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَمَعَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْحَلِفُ عِنْدَهُ، وَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ وَاَللَّهِ كُلَّمَا دَخَلْت لَا أَقْرَبُك بِكُلَّمَا دَخَلْت فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ قَرِبْتُك يَتَعَدَّدُ بَرًّا، وَكُلَّمَا دَخَلْت انْعَقَدَتْ مُدَّةٌ يَقَعُ بِمُضِيِّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حِنْثُهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لِتَعَذُّرِ وُقُوعِ شَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَنَحْوِهِ كُلَّمَا دَخَلْت فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك سَوَاءٌ.
وَمِثَالُ اتِّحَادِ الْإِيلَاءِ وَتَعَدُّدِ الْيَمِينِ: إذَا جَاءَ غَدٌّ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْلِسِ إذَا جَاءَ غَدٌّ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ إيلَاءٌ وَاحِدٌ فِي حُكْمِ الْبَرِّ حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْغَدِّ طَلُقَتْ، وَإِنْ قَرِبَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ لِاتِّحَادِ الْمُدَّةِ وَتَعَدُّدِ الِاسْمِ، وَكَذَا وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ لَفْظَ أُخْرَى أَوْ نَحْوَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ خِلَافِيَّةٌ. وَصُورَتُهَا فِي الْخِلَافِيَّاتِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute