وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾؛ وَلِأَنَّ شَرْعَهُمَا لِلتَّرَفُّهِ بِإِسْقَاطِ إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ
أَمْرٍ لَمْ يَلْزَمْ ثُبُوتُهُ عَلَى الْخَصْمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَوْجُهِ أَنَّ الْمُرَادَ لِلْحَجِّ أَشْهُرٌ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ، وَهَذَا مِمَّا لِلْخَصْمِ مَنْعُهُ، وَيَقُولُ: بَلْ جَازَ كَوْنُ الْمُرَادِ أَنَّ الْحَجَّ فِي أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ فَيُفِيدُ أَنَّهُ يُفْعَلُ فِيهَا لَا فِي غَيْرِهَا وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِيهَا غَيْرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ) مَدَارُ احْتِجَاجِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ نَسْخَ تَرْكِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَامٌّ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعْلُومٌ شَرْعِيَّةُ الْحَجِّ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَجَازَ التَّمَتُّعُ لِلْكُلِّ وقَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ لَا يَنْفِيهِ، إذْ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ إلَى الْهَدْيِ لَا التَّمَتُّعِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ جَوَازُ الْمُتْعَةِ لَهُمْ وَسُقُوطُ الْهَدْيِ عَنْهُمْ. قُلْنَا: بَلْ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ التَّمَتُّعُ لِوَصْلِهَا بِاللَّامِ، وَهِيَ تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ، وَالتَّمَتُّعُ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ، بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ عَلَيْنَا، فَلَوْ كَانَ مُرَادًا لَجِيءَ مَكَانَ اللَّامِ بِعَلَى فَقِيلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَإِنْ قِيلَ: شَرْعُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ عَامٌّ. قُلْنَا مَمْنُوعٌ بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَدَدْنَاهُ.
وَعَلَى تَقْدِيرِهِ أَيْضًا لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّا نُجِيزُ لِلْمَكِّيِّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنْ أُرِيدَ الْمَجْمُوعُ مِنْ الْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فِي النَّصِّ فَهُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ وَمَحَلُّ النِّزَاعِ. ثُمَّ إنْ عَلَّلْنَا دَلِيلَ التَّخْصِيصِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ بِكَوْنِهِ مُلِمًّا بِأَهْلِهِ بَيْنَ أَدَائِهِمَا فَلَمْ يُكْمِلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute