وَأَيْضًا: فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ [عَنْ أبي وائل عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ] : " أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ دَعَاهُ وَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَفَظُ أبي وائل: " مَا صَلَّيْتَ "، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: " لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وَهَذَا الَّذِي لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ إِنَّمَا تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ، أَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ أَوْ تَرَكَ [كِلَيْهِمَا] فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ بَعْضَ ذَلِكَ، إِذْ نَقْرُ الْغُرَابِ وَالْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَالْهُبُوطُ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ، [لَا يُمْكِنُ] أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ مَعَ الْإِتْيَانِ بِمَا قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ رُكُوعٌ أَوْ سُجُودٌ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ يَأْتِي بِمَا قَدْ يُقَالُ لَهُ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ، وَمَعَ هَذَا قَالَ لَهُ حذيفة: " مَا صَلَّيْتَ "، فَنَفَى عَنْهُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ قَالَ: " لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَ " عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ "، وَكِلَاهُمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فِعْلَ الْمُسْتَحَبَّاتِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ هَذَا الذَّمَّ وَالتَّهْدِيدَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَمُوتُ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ؛ وَلِأَنَّ لَفْظَ: " الْفِطْرَةِ، وَالسُّنَّةِ " فِي كَلَامِهِمْ هُوَ: الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ لَفْظَ " السُّنَّةِ " يُرَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute