اتِّبَاعِهِ فِيمَا ظَهَرَ فِيهِ خَطَؤُهُ، لِأَنَّ تَعَصُّبَهُ يُؤَدِّي إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ أَوَّلًا، ثُمَّ إِلَى مُخَالَفَةِ مَتْبُوعِهِ، أَمَّا خِلَافُهُ لِلشَّرْعِ فَبِالْعَرْضِ، وَأَمَّا خِلَافُهُ لِمَتْبُوعِهِ فَلِخُرُوجِهِ عَنْ شَرْطِ الِاتِّبَاعِ، لِأَنَّ كُلَّ عَالِمٍ يُصَرِّحُ أَوْ يُعَرِّضُ بِأَنَّ اتِّبَاعَهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالشَّرِيعَةِ لَا بِغَيْرِهَا، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِخِلَافِ الشَّرِيعَةِ خَرَجَ عَنْ شَرْطِ مَتْبُوعِهِ بِالتَّصْمِيمِ عَلَى تَقْلِيدِهِ. وَمِنْ مَعْنَى كَلَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا كَانَ مِنْ كَلَامِي مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَخُذُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ فَاتْرُكُوهُ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ دُونَ لَفْظِهِ.
وَمِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَدِيثُ مَذْهَبِي فَمَا خَالَفَهُ فَاضْرِبُوا بِهِ الْحَائِطَ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا لِسَانُ حَالِ الْجَمِيعِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ عَلَى تَحَرٍّ أَنَّهُ طَابَقَ الشَّرِيعَةَ الْحَاكِمَةَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَا لَا فَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ إِلَى الشَّرِيعَةِ وَلَا هُمْ أَيْضًا مِمَّنْ يُرْضَى أَنْ تُنْسَبَ إِلَيْهِمْ مُخَالَفَتُهَا.
لَكِنْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَجْهَانِ: أَنْ يَكُونَ الْمَتْبُوعُ مُجْتَهِدًا، فَالرُّجُوعُ فِي التَّخْطِئَةِ وَالتَّصْوِيبِ إِلَى مَا اجْتَهَدَ فِيهِ، وَهُوَ الشَّرِيعَةُ، وَأَنْ يَكُونَ مُقَلِّدًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، كَالْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ مِنْ شَأْنِهِمْ تَقْلِيدُ الْمُتَقَدِّمِينَ بِالنَّقْلِ مِنْ كُتُبِهِمْ وَالتَّفَقُّهِ فِي مَذَاهِبِهِمْ، فَالرُّجُوعُ فِي التَّخْطِئَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute