للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتَرَضَتْ بِالشُّبْهَةِ فِي الْقُلُوبِ، وَقَدَحَتْ بِالشُّكُوكِ فِي الصُّدُورِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ مَا لَحَنُوا إِلَيْهِ عَلَى تَقْرِيرِهِمْ وَتَأْوِيلِهِمْ لَسَبَقَ إِلَى الطَّعْنِ فِيهِ مَنْ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجُّ بِالْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ، وَيَجْعَلُهُ عَلَمَ نَبُّوتِهِ، وَالدَّلِيلَ عَلَى صِدْقِهِ، وَيَتَحَدَّاهُمْ فِي مُوَاطِنَ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَهُمُ الْفُصَحَاءُ وَالْبُلَغَاءُ، وَالْخُطَبَاءُ وَالشُّعَرَاءُ، وَالْمَخْصُوصُونَ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْأَنَامِ، وَبِالْأَلْسِنَةِ الْحِدَادِ وَاللَّدَدِ فِي الْخِصَامِ، مَعَ اللُّبِّ وَالنُّهَى وَأَصَالَةِ الرَّأْيِ. فَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ. وَكَانُوا يَقُولُونَ مَرَّةً: هُوَ سِحْرٌ، وَمَرَّةً: هُوَ شِعْرٌ، وَمَرَّةً: هُوَ قَوْلُ الْكَهَنَةِ، وَمَرَّةً: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. وَلَمْ يَحْكِ اللَّهُ عَنْهُمُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْأَحَادِيثِ وَدَعْوَى التَّنَاقُضِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا، وَحُكِيَ عَنْهُمْ، لِأَجْلِ ذَلِكَ الْقَدْحُ فِي خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَهُمُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَاتَّبَعُوهُمْ بِالْحَدْسِ قَالُوا مَا شَانَ، أَوْ جَرَوْا فِي الطَّعْنِ عَلَى الْحَدِيثِ جَرْيَ مَنْ لَا يَرَى عَلَيْهِ مُحْتَسِبًا فِي الدُّنْيَا وَلَا مُحَاسِبًا فِي الْآخِرَةِ.

وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَالْجَوَابِ عَمَّا اعْتَرَضُوا فِيهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابَيْنِ صَنَّفَهُمَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُمَا مِنْ مَحَاسِنِ كُتُبِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>