يُنْشِدُونَ الْأَشْعَارَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ وَذِكْرُ رَسُولِهِ، وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَيَتَمَنْدَلُونَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَوَاضِعِ الْقَذِرَةِ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ آلَةَ الْأَخْذِ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، لَكِنْ بِأَصْوَاتٍ مُطْرِبَةٍ؛ يُخَافُ بِسَبَبِهَا عَلَى النِّسَاءِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ رُبَّمَا أَنْشَدُوا الشِّعْرَ فِي الْأَسْفَارِ الْجِهَادِيَّةِ؛ تَنْشِيطًا لَكِلَالِ النُّفُوسِ، وَتَنْبِيهًا لِلرَّوَاحِلِ أَنْ تَنْهَضَ فِي أَثْقَالِهَا، وَهَذَا حَسَنٌ.
لَكِنَّ الْعَرَبَ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ تَحْسِينِ النَّغَمَاتِ مَا يَجْرِي مَجْرَى مَا النَّاسُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، بَلْ كَانُوا يُنْشِدُونَ الشِّعْرَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ أَنَّ يَتَعَلَّمُوا هَذِهِ التَّرْجِيعَاتِ الَّتِي حَدَثَتْ بِعَدَهُمْ، بَلْ كَانُوا يُرَقِّقُونَ الصَّوْتَ وَيَمُطِّطُونَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلِيقُ بِأُمِّيَّةِ الْعَرَبِ الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا صَنَائِعَ الْمُوسِيقَى، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلْذَاذٌ وَلَا إِطْرَابٌ يُلْهِي، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ النَّشَاطِ؛ كَمَا «كَانَ الْحَبَشَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَحْدُوَانِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَمَا كَانَ الْأَنْصَارُ يَقُولُونَ عِنْدَ حَفْرِ الْخَنْدَقِ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا
فَيُجِيبُهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِقَوْلِهِ):
اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ. فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ».
وَمِنْهَا: أَنْ يَتَمَثَّلَ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ أَوِ الْأَبْيَاتِ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي نَفْسِهِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute