وَقَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ: جَاءَ اللَّهُ بِالْمَهْدِيِّ، وَطَاعَتُهُ صَافِيَةٌ نَقِيَّةٌ، لَمْ يُرَ مِثْلُهَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وَأَنَّ بِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ بِهِ تَقُومُ، وَلَا ضِدَّ لَهُ وَلَا مِثْلَ وَلَا نِدَّ وَلَا كَذِبَ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ وَهَذَا ـ، كَمَا نَزَّلَ أَحَادِيثَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ فِي الْفَاطِمِيِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ بِلَا شَكٍّ.
وَأَوَّلُ إِظْهَارِهِ لِذَلِكَ أَنَّهُ قَامَ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ، الْقَاضِي لِمَا يَشَاءُ، لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ الْمُبَشِّرِ بِالْمَهْدِيِّ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ إِذَا نُسِخَ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ، وَأُزِيلَ الْعَدْلُ بِالْجَوْرِ، مَكَانُهُ بِالْمَغْرِبِ الْأَقْصَى، وَزَمَانُهُ آخِرُ الْأَزْمَانِ، وَاسْمُهُ اسْمُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَسَبَهُ نَسَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ظَهَرَ جَوْرُ الْأُمَرَاءِ، وَامْتَلَأَتِ الْأَرْضُ بِالْفَسَادِ، وَهَذَا آخِرُ الزَّمَانِ، وَالِاسْمُ الِاسْمُ، وَالنَّسَبُ النَّسَبُ وَالْفِعْلُ الْفِعْلُ. يُشِيرُ إِلَى مَا جَاءَ فِي أَحَادِيثِ الْفَاطِمِيِّ.
فَلَمَّا فَرَغَ؛ بَادَرَ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةٌ، فَقَالُوا: هَذِهِ الصِّفَةُ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيكَ، فَأَنْتَ الْمَهْدِيُّ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَحْدَثَ فِي دِينِ اللَّهِ أَحْدَاثًا كَثِيرَةً؛ زِيَادَةً إِلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ، وَالتَّخْصِيصُ بِالْعِصْمَةِ، ثُمَّ وَضَعَ ذَلِكَ فِي الْخُطَبِ، وَضَرَبَ فِي السِّكَكِ، بَلْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ عِنْدَهُمْ ثَالِثَةَ الشَّهَادَةِ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا؛ فَهُوَ كَافِرٌ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ، وَشَرَعَ الْقَتْلَ فِي مَوَاضِعَ لَمْ يَضَعْهُ الشَّرْعُ فِيهَا، وَهِيَ نَحْوٌ مَنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا؛ كَتَرْكِ امْتِثَالِ أَمْرِ مَنْ يَسْتَمِعُ أَمْرَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute