للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكَلَّفِينَ، إِمَّا بِالْمُشَافَهَةِ، أَوْ بِالنَّقْلِ مِمَّنْ شَافَهَ الْمَعْصُومَ، وَإِنَّمَا وَضَعُوا ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُمْ بَادِيَ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ وَلَا نَقْلِيٍّ، بَلْ بِشُبْهَةٍ زَعَمُوا أَنَّهَا عَقْلِيَّةٌ، وَشُبَهٍ مِنَ النَّقْلِ بَاطِلَةٍ، إِمَّا فِي أَصْلِهَا، وَإِمَّا فِي تَحْقِيقِ مَنَاطِهَا.

وَتَحْقِيقُ مَا يَدَّعُونَ وَمَا يُرُدُّ عَلَيْهِمْ بِهِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَى دَعَاوٍ، وَإِذَا طُولِبُوا بِالدَّلِيلِ عَلَيْهَا; سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، إِذْ لَا بُرْهَانَ لَهُمْ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ.

وَأَقْوَى شُبَهِهِمْ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَاحِدٍ يَرْتَفِعُ بِهِ الْخِلَافُ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨ - ١١٩]، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا إِذَا أُعْطِيَ الْعِصْمَةَ كَمَا أُعْطِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَكَلُّ مُحِقٍّ أَوْ مُبْطِلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمَرْحُومُ، وَأَنَّهُ الَّذِي وَصَلَ إِلَى الْحَقِّ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَإِنْ طُولِبُوا بِالدَّلِيلِ عَلَى الْعِصْمَةِ; لَمْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ.

غَيْرَ أَنَّ لَهُمْ مَذْهَبًا يُخْفُونَهُ وَلَا يُظْهِرُونَهُ إِلَّا لِخَوَاصِّهِمْ، لِأَنَّهُ كُفْرٌ مَحْضٌ وَدَعْوَى بِغَيْرِ بُرْهَانٍ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِ " الْعَوَاصِمِ ":

" خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي عَلَى الْفِطْرَةِ، فَلَمْ أَلْقَ فِي طَرِيقِي إِلَّا مُهْتَدِيًا، حَيْثُ بَلَغْتُ هَذِهِ الطَّائِفَةَ يَعْنِي: الْإِمَامِيَّةَ وَالْبَاطِنِيَّةَ مِنْ فِرَقِ الشِّيعَةِ فَهِيَ أَوَّلُ بِدْعَةٍ لَقِيتُ، وَلَوْ فَجَأَتْنِي بِدْعَةٌ مُشْبِهَةٌ، كَالْقَوْلِ بِالْمَخْلُوقِ، أَوْ نَفْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>