للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: " وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَسْمَاءِ، فَكَلُّ مَنْ سَمَّى الزَّانِيَ مُؤْمِنًا، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ سَمَّاهُ كَافِرًا; فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ هُوَ فَاسِقٌ وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ هُوَ كَافِرٌ وَلَيْسَ بِمُشْرِكٍ; فَقَدْ أَصَابَ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى كُلِّ هَذِهِ الْمَعَانِي ".

قَالَ: " وَكَذَلِكَ السُّنَنُ الْمُخْتَلِفَةُ، كَالْقَوْلِ بِالْقُرْعَةِ وَخِلَافِهِ، وَالْقَوْلِ بِالسِّعَايَةِ وَخِلَافِهِ، وَقَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَبِأَيِّ ذَلِكَ أَخَذَ الْفَقِيهُ فَهُوَ مُصِيبٌ ".

قَالَ: " وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْقَاتِلَ فِي النَّارِ، كَانَ مُصِيبًا، وَلَوْ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ، كَانَ مُصِيبًا، وَلَوْ وَقَفَ وَأَرْجَأَ أَمْرَهُ; كَانَ مُصِيبًا، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَبَّدَهُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ عِلْمُ الْغَيْبِ ".

قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْن أَبِي شَيْخٍ، قَالَ: " كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحَرِيقِ الْعَنْبَرِيِّ الْبَصْرِيِّ اتُّهِمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ كَلَامٌ رَدِيءٌ ".

قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ عَنْهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ، وَقَالَ: " إِذًا أَرْجِعُ وَأَنَا مِنَ الْأَصَاغِرِ، وَلِأَنْ أَكُونَ ذَنَبًا فِي الْحَقِّ، أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ رَأْسًا فِي الْبَاطِلِ ". اهـ.

فَإِنْ ثَبَتَ عَنْهُ مَا قِيلَ فِيهِ; فَهُوَ عَلَى جِهَةِ الزَّلَّةِ مِنَ الْعَالِمِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهَا رُجُوعَ الْأَفَاضِلِ إِلَى الْحَقِّ; لِأَنَّهُ بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِهِ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ إِنَّمَا اتَّبَعَ ظَوَاهِرَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ عَقْلَهُ، وَلَا صَادَمَ الشَّرْعَ بِنَظَرِهِ، فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْهَوَى، وَمِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَاللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>