للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاحِدٌ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ، ثُمَّ سَاقَ الْآيَاتِ فِي إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ، وَحَدِيثَ الْجَارِيَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ تَأْتِي (فِي) فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى فَوْقَ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك: ١٥] يُرِيدُ فَوْقَهَا وَعَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] يُرِيدُ عَلَيْهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: ١٦] الْآيَاتِ، قَالَ (أَهْلُ) التَّأْوِيلِ الْعَالِمُونَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ يُرِيدُ فَوْقَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ مِمَّا فَهِمَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ مِنَ التَّابِعِينَ مِمَّا فَهِمُوهُ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِمَّا فَهِمُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ اللَّهَ) فِي السَّمَاءِ بِمَعْنَى: فَوْقَهَا وَعَلَيْهَا، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ عُلُوَّهُ عَلَى عَرْشِهِ إِنَّمَا هُوَ بِذَاتِهِ ; لِأَنَّهُ بَائِنٌ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ بِلَا كَيْفٍ وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْمَخْلُوقَةِ بِعِلْمِهِ لَا بِذَاتِهِ ; إِذْ لَا تَحْوِيهِ الْأَمَاكِنُ ; لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهَا وَقَدْ كَانَ وَلَا مَكَانَ وَلَمْ يَحِلَّ بِصِفَاتِهِ عَمَّا كَانَ ; إِذْ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ لَكِنَّ عُلُوَّهُ فِي اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ هُوَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الْعَرْشِ ; لِأَنَّهُ قَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] وَثُمَّ أَبَدًا لَا تَكُونُ إِلَّا لِاسْتِئْنَافِ فِعْلٍ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فُسْحَةٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَوْلُهُ: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى غَيْرِ الِاسْتِيلَاءِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْمُلْكِ الَّذِي ظَنَّتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ

<<  <   >  >>