ثَلَاثًا وَحَدُّهُ (مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا) فَلَا عِبْرَةَ (بِالْأَفْرَعِ) - بِالْفَاءِ - الَّذِي نَبَتَ شَعْرُهُ فِي بَعْضِ جَبْهَتِهِ، وَلَا (بِالْأَجْلَحِ) الَّذِي انْحَسَرَ شَعْرُهُ عَنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ (إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وَهُمَا عَظْمَانِ فِي أَسْفَلِ الْوَجْهِ قَدْ اكْتَنَفَاهُ.
(وَالذَّقَنُ) مَجْمَعُ اللِّحْيَةِ (طُولًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ (مَعَ مُسْتَرْسَلِ) شَعْرِ (اللِّحْيَةِ) بِكَسْرِ اللَّامِ طُولًا، وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَرْضًا، لِأَنَّ اللِّحْيَةَ تُشَارِكُ الْوَجْهَ فِي مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَالْمُوَاجِهَةِ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الرَّأْسَ فِي التَّرَؤُّسِ (وَ) حَدُّ الْوَجْهِ (مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا) أَيْ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ، فَهُمَا لَيْسَا مِنْهُ.
وَأَمَّا إضَافَتُهُمَا إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلِلْمُجَاوَرَةِ. وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ غَسَلَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ (فَيَدْخُلُ) فِيهِ (عِذَارٌ وَهُوَ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى عَظْمٍ نَاتِئٍ يُسَامِتُ) أَيْ يُحَاذِي (صِمَاخَ) بِكَسْرِ الصَّادِ (الْأُذُنِ) أَيْ خَرْقَهَا (وَ) يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا (عَارِضٌ و) وَهُوَ (مَا تَحْتَهُ) أَيْ الْعِذَارِ (إلَى ذَقَنٍ) وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَى الْخَدِّ وَاللَّحْيَيْنِ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَا جَاوَزَتْهُ الْأُذُنُ عَارِضٌ وَ (لَا) يَدْخُلُ فِيهِ (صُدْغٌ) بِضَمِّ الصَّادِ (وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعِذَارِ، يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عَنْهُ قَلِيلًا) بَلْ هُوَ مِنْ الرَّأْسِ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ غَسَلَهُ مَعَ الْوَجْهِ.
(وَلَا) يَدْخُلُ ((تَحْذِيفٌ) ، وَهُوَ) الشَّعْرُ (الْخَارِجُ إلَى طَرَفَيْ الْجَبِينِ مِنْ جَانِبَيْ الْوَجْهِ بَيْنَ النَّزَعَةِ) بِفَتْحِ الزَّايِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ (وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ) لِأَنَّهُ شَعْرٌ مُتَّصِلٌ بِشَعْرِ الرَّأْسِ. لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ أَشْبَهَ الصُّدْغَ (وَلَا) يَدْخُلُ فِي الْوَجْهِ أَيْضًا ((النَّزْعَتَانِ) وَهُمَا مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ جَانِبَيْ الرَّأْسِ) أَيْ جَانِبَيْ مُقَدَّمِهِ. لِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِمَا الْمُوَاجَهَةُ. وَلِدُخُولِ ذَلِكَ فِي الرَّأْسِ. لِأَنَّهُ مَا تَرَأَّسَ وَعَلَا.
وَالْإِضَافَةُ إلَى الْوَجْهِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
فَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا
لِلْمُجَاوَرَةِ " تَتِمَّةٌ " يُسْتَحَبُّ تَعَاهُدُ الْمِفْصَلِ بِالْغَسْلِ. وَهُوَ مَا بَيْنَ اللِّحْيَةِ وَالْأُذُنِ نَصًّا (وَلَا يُجْزِئُ غَسْلُ ظَاهِرِ شَعْرٍ) فِي الْوَجْهِ يَصِفُ الْبَشَرَةَ، لِأَنَّهَا ظَاهِرَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمُوَاجَهَةُ فَوَجَبَ غُسْلُهَا كَاَلَّتِي لَا شَعْرَ فِيهَا، وَوَجَبَ غَسْلُ الشَّعْرِ مَعَهَا، لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute