قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْقَوْلَ هَضْمًا لِنَفْسِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ فَضَائِلُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ (وَقَدْ أَكْثَرْتُ فِيهِ مِنْ التَّوْجِيهِ لِنَفْعِ الطَّالِبِ الْوَجِيهِ، فَمَا كَانَ) فِي اتِّجَاهَاتِي (مِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ خَطَأٍ، وَأَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الْعَفْوَ عَنِّي، وَهَذَا أَقْوَى مَا قَدَرَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ، فَمَنْ أَتَى بِخَيْرٍ مِنْهُ فَلِيَرْجِعْ إلَيْهِ. عَلَيَّ فِي الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أُسْوَةٌ حَيْثُ قَالَ: هَذَا رَأْيِي فَمَنْ جَاءَنَا بِخَيْرٍ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ) انْتَهَى.
(وَقَدْ فَرَغْت مِنْ تَسْوِيدِهِ) ؛ أَيْ: تَسْوِيدِ هَذَا الْجَمْعِ (بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ) مِنْ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ خَلَّصَهَا اللَّهُ مِنْ أَيْدِي طَائِفَةِ الفرنساوية الْكَافِرَةِ، فَقَدْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا قَبْلَ هَذَا الْعَامِ، وَصَيَّرُوهَا دَارَ حَرْبٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَفْتَخِرُ بِهَا سَائِرُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَابِعِ صَفَرِ الْخَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْأَلْفِ لَا غَيْرَ، وَعَادَتْ مَأْوًى لِعَبَدَةِ الصَّلِيبِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَلْجَأً لِكُلِّ غَرِيبٍ، يَقْتَطِفُ مِنْهَا ثِمَارَ دَقَائِقِ الْعُلُومِ، وَيَنْسَلِخُ عَنْهَا وَقَدْ فَاقَ أَقْرَانَهُ كَالْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ، فَنَرْجُو مَنْ جَعَلَهَا مِنْ أَنْفَعْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ أَيْدِي هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ اللِّئَامِ (عَقِبَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثَانِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ وَمِنْ تَبْيِيضِهِ عَقِبَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَلْفٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مُخْلِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ) ، وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَرَزَقَ الطَّالِبَ بِهِ النَّفْعَ الْعَمِيمَ إنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ جَوَادٌ كَرِيمٌ (نَصِيحَةٌ: عَلَيْك أَيّهَا الطَّالِبُ الْمُسْتَرْشِدُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيثَارِ طَاعَتِهِ وَرِضَاهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ سِرًّا وَجَهْرًا مَعَ صَفَاءِ الْقَلْبِ مِنْ كُلِّ كَدَرٍ، وَتَرْكِ حُبِّ الْعُلُوِّ وَالرِّئَاسَةِ وَكُلِّ وَصْفٍ مَذْمُومٍ وَفِعْلٍ مَلُومٍ كَغِلٍّ وَحِقْدٍ وَحَسَدٍ وَغَضَبٍ وَعُجْبٍ وَنَكَدٍ وَكِبْرٍ وَتِيهٍ وَخُيَلَاءَ وَزَهْوٍ وَهَوًى وَرِيَاءٍ، وَغَرَضِ سُوءٍ، وَقَصْدٍ رَدِيءٍ وَمَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ، وَمُجَانَبَةِ كُلِّ مَكْرُوهٍ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعُدَّ نَفْسَك مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ، وَلَا تُهْمِلْ النَّظَرَ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَلَا تَفْخَرْ بِأَعْمَالِك فَلَيْسَ إلَيْك مِنْ فِعْلِك شَيْءٌ وَانْدَمْ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ عُمْرِك فِي الصِّبَا وَالْغَيِّ، وَإِذَا جَلَسْت مَجْلِسَ ذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاجْلِسْ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَتَلَقَّى النَّاسَ بِالْبِشْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute