تَزَلْزُلُ الْقُلُوبِ وَاضْطِرَابُ أَهْلِهَا (وَالْفِتَنُ) أَيِ الْبَلِيَّاتُ وَالْمِحَنُ الْمُوجِبَةُ لِضَعْفِ الدِّينِ وَقِلَّةِ الدِّيَانَةِ فَلَا يُنَاسِبُهُ دَعْوَةُ الْبَرَكَةِ لَهُ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا تَرَكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ لِيَضْعُفُوا عَنِ الشَّرِّ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعٌ فِي جِهَتِهِمْ لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ بِالْفِتَنِ (وَبِهَا أَوْ قَالَ مِنْهَا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى نَجْدٍ وَالتَّأْنِيثُ الْبُقْعَةُ (يَخْرُجُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ) أَيْ حِزْبُهُ وَأَهْلُ وَقْتِهِ وَزَمَانِهِ وَأَعْوَانُهُ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْقَرْنِ قُوَّةَ الشَّيْطَانِ وَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْإِضْلَالِ وَكَانَ أَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ أَهْلَ كُفْرٍ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْفِتْنَةَ تَكُونُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ وَأَوَّلُ الْفِتَنِ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مِمَّا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ وَيَفْرَحُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْبِدَعُ نَشَأَتْ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شرح حديث بن عُمَرَ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إلى جنب المنبر فقال الفتنة ها هنا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ أَوْ قَالَ قَرْنُ الشَّمْسِ مَا لَفْظُهُ وَإِنَّمَا أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَشْرِقِ لِأَنَّ أَهْلَهُ يَوْمَئِذٍ كَانُوا أَهْلَ كُفْرٍ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْفِتْنَةَ تَكُونُ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَكَذَلِكَ كَانَتْ هِيَ وَقْعَةُ الْجَمَلِ وَوَقْعَةُ صِفِّينَ ثُمَّ ظُهُورُ الْخَوَارِجِ فِي أَرْضِ نَجْدٍ وَالْعِرَاقِ وَمَا وَرَائِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ الْكُبْرَى الَّتِي كَانَتْ مِفْتَاحَ فَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ قَتْلَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُعْلِمُ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَذَلِكَ مِنْ دَلَالَاتِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
[٣٩٥٤] قَوْلُهُ (سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ) الْغَافِقِيَّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ الْمَهْرِيِّ الْمِصْرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (نُؤَلِّفُ) مِنَ التَّأْلِيفِ أَيْ نَجْمَعُ (مِنَ الرِّقَاعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رُقْعَةٍ وَهِيَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ (طُوبَى لِلشَّامِ) تَأْنِيثُ أَطْيَبَ أَيْ رَاحَةٌ وَطِيبُ عَيْشٍ حَاصِلٌ لَهَا وَلِأَهْلِهَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ طُوبَى مَصْدَرٌ مِنْ طَابَ كَبُشْرَى وَزُلْفَى وَمَعْنَى طوبى لك أَصَبْتَ خَيْرًا وَطِيبًا (فَقُلْنَا لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رسول الله) قال القارىء بِتَنْوِينِ الْعِوَضِ فِي أَيٍّ أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute