ثَمَنَهُ)
فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ حَبْسُ الثَّمَنِ حَتَّى يَأْخُذَ الْمَبِيعَ ذَكَرَ الثَّمَنَ مَقَامَ الْقِيمَةِ لِانْعِدَامِ الْفَسَادِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي قِسْمَةِ غُرَمَاءِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقَدَّمٌ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَا يُقَدَّمُ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى التَّجْهِيزِ وَالْغُرَمَاءِ، فَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ الثَّمَنِ بِعَيْنِهَا لَوْ قَائِمَةً وَيَأْخُذُ مِثْلَهَا لَوْ هَالِكَةً، وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَطَابَ لِلْبَائِعِ رِبْحُ ثَمَنِهِ) مِنْ دَرَاهِمِ الْمَبِيعِ أَوْ دَنَانِيرِهِ (بَعْدَ التَّقَابُضِ) أَيْ اشْتِرَاكِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ لِتَمَلُّكِهِ وَلَمْ يَطِبْ قَبْلَهُ لِعَدَمِ تَمَلُّكِهِ (لَا) أَيْ لَا يَطِيبُ (لِلْمُشْتَرِي رِبْحُ مَبِيعِهِ فَيَتَصَدَّقُ) الْمُشْتَرِي (بِهِ) أَيْ بِالرِّبْحِ وُجُوبًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهِ فَيَتَمَكَّنُ الْخَبَثُ فِيهِ وَالنَّقْدُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخَبَثُ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ، وَهَذَا فِي الْخَبَثِ الَّذِي سَبَّبَهُ فَسَادُ الْمِلْكِ أَمَّا الْخَبَثُ بِعَدَمِ الْمِلْكِ كَالْغَصْبِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ حَقِيقَةً وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ شُبْهَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ أَوْ تَقْدِيرُ الثَّمَنِ وَعِنْدَ فَسَادِ الْمِلْكِ تَنْقَلِبُ الْحَقِيقَةُ شُبْهَةً وَالشُّبْهَةُ تَنْزِلُ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ وَالشُّبْهَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ النَّازِلِ عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ مُطْلَقًا لِأَنَّ عِنْدَهُ شَرْطَ الطِّيبِ الضَّمَانُ وَقَدْ وُجِدَ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَطِيبُ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ قِيلَ ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ فَهَذَا يُنَاقِضُ مَا قُلْتُمْ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ قُلْنَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِهَذَا الْعَقْدِ شُبْهَتَيْنِ شُبْهَةُ الْغَصْبِ وَشُبْهَةُ الْبَيْعِ فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً اُعْتُبِرَ شُبْهَةُ الْغَصْبِ سَعْيًا فِي رَفْعِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا تُعْتَبَرُ شُبْهَةُ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَسْرِي الْفَسَادُ إلَى بَدَلِهِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ انْتَهَى.
وَفِي الدُّرَرِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْهِدَايَةِ وَإِنَّمَا يُفِيدُ دَلِيلًا لِلْمَسْأَلَةِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يَرِدُ عَلَى الْهِدَايَةِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ إنَّمَا لَا تَتَعَيَّنُ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا مَرَّ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ الدَّفْعُ بِوَجْهٍ آخَرَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْعُقُودِ الْعُقُودُ الصَّحِيحَةُ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ فَحِينَئِذٍ عَدَمُ التَّعَيُّنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي فَلَا يَضُرُّ تَعَيُّنُهُ فِي الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِلَا حَصْرٍ تَدَبَّرْ.
وَفِي الْفَرَائِدِ كَلَامُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ يُفِيدُ دَفْعَ التَّنَاقُضِ لِأَنَّ حَاصِلَ التَّنَاقُضِ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ قَالَ فِيمَا سَبَقَ: الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ.
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَعَيَّنُ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ التَّعَيُّنَ بِالتَّعْيِينِ فِي حَالَةِ قِيَامِ الثَّمَنِ، وَعَدَمَ التَّعَيُّنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute