للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْمَدْيُونِ: اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ فَفَعَلَ لَا يَبْرَأُ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَبْرَأُ.

لَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ دِينَارًا وَقَالَ: نِصْفُهُ بِحَقِّك وَالنِّصْفُ آخِذٌ مِنْك كَذَا، فَالْكُلُّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ: النِّصْفُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَضْمَنُ.

قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ فَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ: أَتُفْتِي بِهِ أَيْضًا قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ الْمُرَابَحَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْهَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ، وَيَتْبَعُهُ بِالْمُرَابَحَةِ شَيْئًا سِنِينَ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سَبْعُونَ دِينَارًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ، فَلِلْمُتَبَرِّعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُنْتَقَى: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ.

اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دِينَارَيْنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةً لِيَزِنَ مِنْهَا الدِّينَارَيْنِ فَضَاعَتْ قَبْلَ الْوَزْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ لَا يَسْقُطُ بِهِ دَيْنُهُ لِسُقُوطِهِ بِهَلَاكِ ذِمَّتِهِ، وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ.

وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْآمِرَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ.

رَبُّ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ عَلَى صِفَتِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَا يَأْخُذُ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ، وَلَهُ أَخْذُ الرَّدِيءِ بِالْجَيِّدِ، وَلَا يَأْخُذُ خِلَافَ جِنْسِهِ كَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ أَخْذُهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ لَهُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ، وَكَذَا أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ غَيْرَهُ وَدَفَعَهُ إلَى الدَّائِنِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هُوَ غَاصِبٌ وَالْغَرِيمُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْآخِذُ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْغَرِيمُ صَارَ قِصَاصًا.

وَقَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: صَارَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَالْآخِذُ مُعِينٌ لَهُ وَبِهِ يُفْتَى.

وَلَوْ غَصَبَ جِنْسَ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ الْغَرِيمُ، فَالْمُخْتَارُ هُنَا قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ.

الْمَدْيُونُ إذَا قَضَى أَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُولِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُجْبَرُ خِلَافًا لِزُفَرَ.

أَعْطَى الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ مَالًا لِيُمَيِّزَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ لِلنَّقْدِ لَا لِلِاقْتِضَاءِ.

دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ الدَّائِنُ إلَيْهِ لِيَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فَمِنْ مَالِ الدَّائِنِ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ حَقَّهُ زَائِدًا وَقَالَ أَنْفِقْهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ فَرَدَّهَا فَفَعَلَ فَلَمْ يَرْجُ فَلَهُ الرَّدُّ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ.

لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَأَخَذَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهَا نَبَهْرَجَةً وَلَا يَدْرِي لِمَنْ هُوَ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ شَيْءٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ النَّبَهْرَجَةُ سِتَّةً، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَتْ سَبْعَةً فَدِرْهَمَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً فَثَلَاثَةً، وَإِنْ كَانَتْ تِسْعَةً فَأَرْبَعَةً وَفِي الْعَشَرَةِ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً لِلتَّيَقُّنِ قَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ قُلْت لِأُسْتَاذِنَا

<<  <   >  >>