النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ أَبَدًا، أَلَا وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ أَبَدًا، أَلَا وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ أَبَدًا طُوبَى لِمَنْ كُنَّا لَهُ وَكَانَ لَنَا. قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ مِنَّا تَتَزَوَّجُ الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَدْخُلُونَ مَعَهَا مَنْ يَكُونُ زَوْجُهَا مِنْهُمْ؟ قَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ إنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا فَتَقُولُ: أَيْ رَبِّ إنَّ هَذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ مَعِي خُلُقًا فِي دَارِ الدُّنْيَا فَزَوِّجْنِيهِ، يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ، وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَخْيِيرِهَا الظَّاهِرُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يُنَافِي قَوْلَ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا إنَّهَا تَكُونُ لِآخِرِهِمْ لِأَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ مَحَلُّهُ فِيمَنْ مَاتَتْ لَا فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ، وَمَا قَالَهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فِيمَنْ مَاتَتْ فِي عِصْمَةِ إنْسَانٍ فَهِيَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَتْ لَا فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ وَلَهَا أَزْوَاجٌ فَإِنَّ أَحَدًا لَيْسَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ فَخُيِّرَتْ.
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «إنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ مَا سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ: نَحْنُ الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ يَنْظُرُونَ بِقُرَّةِ أَعْيَانٍ، وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَمُتْنَهُ، وَنَحْنُ الْآمِنَاتُ فَلَا نَخَفْنَهُ، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظَعْنَهُ» .
وَمُسْلِمٌ: «إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا» .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ: إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي سُوقِ الْجَنَّةِ، قَالَ سَعِيدٌ: أَوَ فِيهَا سُوقٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إذَا دَخَلُوهَا نَزَلُوا فِيهَا بِفَضْلِ أَعْمَالِهِمْ فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَيَزُورُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُبْرِزُ لَهُمْ عَرْشَهُ وَيَتَبَدَّى لَهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَتُوضَعُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ وَمَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَمَنَابِرُ مِنْ يَاقُوتٍ وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ وَمَنَابِرُ مِنْ فِضَّةٍ، وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ وَمَا فِيهِمْ دَنِيءٌ عَلَى كُثْبَانِ مِسْكٍ وَكَافُورٍ، وَمَا يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَجْلِسًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute