وَقُسِمَ بِالْقِلْدِ:
ــ
[منح الجليل]
لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِحَاجِزٍ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ أَمَّا فِي أَصْلِ الْعَيْنِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى نَقْصِ الْمَاءِ أَوْ غَوْرِهِ إنْ صَادَفَ الْحَاجِزُ الْيَنْبُوعَ. وَأَمَّا فِي مَحَلِّ جَرْيِهِ وَهُوَ لَا يَضْبِطُ الْأَنْصِبَاءَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَمِيلُ بِهِ إلَى إحْدَى الْجِهَتَيْنِ. الْبِسَاطِيُّ أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ جَرْيِ الْمَاءِ إذْ الْمَاءُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي جَرْيِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الرِّيحِ مَا يَمِيلُ بِهِ عَمَّا كَانَ مَائِلًا عَنْهُ وَمَفْهُومُ عَدَمِ الْجَبْرِ جَوَازُهُ بِالتَّرَاضِي.
(وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ الْمُشْتَرَكُ (بِالْقِلْدِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَدَالٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ الْقِدَرُ الْمَمْلُوءَةُ مَاءً الْمَثْقُوبَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا الْمُتَعَلِّقَةُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهَا، وَأَصْلُهُ الْمَاءُ الْمَجْعُولُ فِيهَا، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيهَا لِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً، وَقَدْ يَتَجَوَّزُ بِهِ إلَى آلَةِ إيصَالِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ لِعَلَاقَةِ الْخَاصِّيَّةِ. ابْنُ حَبِيبٍ تَفْسِيرُ قِسْمَةِ الْمَاءِ بِالْقِلْدِ إنْ تَحَاكَمُوا فِيهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى قَسْمِهِ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ مَأْمُونَيْنِ أَوْ يَجْتَمِعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الرِّضَا بِهِمَا فَيَأْخُذَانِ قِدْرًا مِنْ فَخَّارٍ أَوْ شَبَهِهِ فَيَثْقُبَانِ فِي أَسْفَلِهَا بِمُثْقِبٍ يُمْسِكَانِهِ عِنْدَهُمَا، ثُمَّ يُعَلِّقَانِهَا وَيَجْعَلَانِ تَحْتَهَا قَصْرِيَّةً وَيَعُدَّانِ الْمَاءَ فِي جِرَارٍ، ثُمَّ إذَا انْصَدَعَ الْفَجْرُ صَبَّا الْمَاءَ فِي الْقِدْرِ فَيَسِيلُ الْمَاءُ مِنْ الثَّقْبِ فَكُلَّمَا هَمَّ الْمَاءُ أَنْ يَفْرُغَ صَبَّا حَتَّى يَكُونَ سَيْلُ الْمَاءِ مِنْ الثَّقْبِ مُعْتَدِلًا النَّهَارَ كُلَّهُ وَاللَّيْلَ كُلَّهُ إلَى انْصِدَاعِ الْفَجْرِ فَيُنَحِّيَانِهَا وَيَقْسِمَانِ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَقَامِ أَقَلِّهِمْ سَهْمًا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ يَجْعَلَانِ لِكُلِّ وَارِثٍ قِدْرًا يَحْمِلُ سَهْمَهُ مِنْ الْمَاءِ يَثْقُبَانِ كُلَّ قِدْرٍ مِنْهَا بِالْمِثْقَبِ الَّذِي ثَقَبَا بِهِ الْقِدْرَ الْأُولَى، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ السَّقْيَ عَلَّقَ قِدْرَهُ بِمَائِهِ وَصَرَفَ الْمَاءَ كُلَّهُ إلَى أَرْضِهِ فَيَسْقِي مَا سَالَ الْمَاءُ مِنْ قِدْرِهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ، ثُمَّ إنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ أَسْهَمُوا. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِدْرٌ يَحْمِلُ سَهْمَهُ إنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ لِأَنَّ الْقِدْرَ كُلَّمَا كَبُرَتْ ثَقُلَ الْمَاءُ فِيهَا وَقَوِيَ جَرْيُهُ مِنْ الثَّقْبِ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَيْ مَا يَجْرِي مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَاَلَّذِي أَرَى أَنْ يُقْسَمَ الْمَاءُ بِقِدْرِ أَقَلِّهِمْ سَهْمًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ السَّهْمِ قِدْرًا وَيَأْخُذُ صَاحِبُ عَشَرَةِ الْأَسْهُمِ عَشَرَةَ قُدُورٍ وَهَذَا بَيِّنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute