إلَّا التَّمْرَ أَوْ الْعِنَبَ
إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ، وَإِنْ بِكَثْرَةِ أَكْلٍ
ــ
[منح الجليل]
- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرِهَ قَسْمَ مَا فِيهِ تَفَاضُلٌ مِنْ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ فَكَذَلِكَ الْبَقْلُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرِ فِي أَصْلِهِ فَقَالَ (إلَّا التَّمْرَ) بِالْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ الْبَلَحِ الَّذِي قَدْ يَئُولَ إلَى كَوْنِهِ تَمْرًا (وَالْعِنَبَ) فَيَجُوزُ قَسْمُهُمَا فِي أَصْلِهِمَا بِالْخَرْصِ لِسُهُولَةِ خَرْصِهِمَا وَخِفَّةِ غَرَرِهِ لِظُهُورِهِمَا وَعَدَمِ اسْتِتَارِهِمَا، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَّا ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فَإِنَّهُ إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُ إلَى قَسْمِهِ، فَإِنْ كَانَتْ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ وَاحِدَةً مِثْلَ أَنْ يُرِيدُوا كُلُّهُمْ أَكْلَهُ أَوْ بَيْعَهُ رُطَبًا فَلَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ وَاحِدَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ الْمَوْضُوعِ بَيْنَهُمْ فَلَا يَقْسِمُونَهُ إلَّا كَيْلًا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا غَيْرَ النَّخْلِ فَلَا يَقْسِمُونَ مَا عَلَى رُءُوسِهَا إذَا طَابَ بِالْخَرْصِ وَالْفَوَاكِهِ مِنْ الرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْفِرْسِكِ. وَمَا أَشْبَهَهُ لَا تُقْسَمُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَهْلُهُ، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ إنْ اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ إلَيْهِ فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَبِيعَ وَآخَرُ أَنْ يُتَمِّرَ وَآخَرُ أَنْ يَأْكُلَ رُطَبًا وَحَلَّ بَيْعُهُ إذَا وَجَدُوا عَالِمًا بِالْخَرْصِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَطِبْ ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبُ فَلَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ وَيَجُذُّونَهُ إنْ أَرَادُوا قَسْمَهُ ثُمَّ يَقْسِمُونَهُ كَيْلًا وَسَاوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ بَيْنَ ثِمَارِ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَإِلَى هَذَا السَّمَاعِ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَالِكًا أَرْخَصَ فِي قَسْمِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ، وَهَذَا السَّمَاعُ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ فِي الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَيَجُوزُ قَسْمُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ (إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ) بِأَنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ تَتْمِيرَهُ وَبَعْضُهُمْ أَكْلَهُ رُطَبًا وَبَعْضُهُمْ بَيْعَهُ وَبَعْضُهُمْ إهْدَاءَهُ، فَهَذَانِ شَرْطَانِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَاخْتِلَافُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ أَوْ اتَّفَقَتْ حَاجَتُهُمْ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِمَا مَرَّ جَازَ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ اخْتِلَافُهَا (بِكَثْرَةِ آكِلٍ) وَقِلَّتِهِ بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَوْ بِقَصْرِهِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ الْأَوَّلَ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَ حَاجَتُهُمَا لِفَضْلِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا عَلَى عِيَالِ الْآخَرِ جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَا بِالْخَرْصِ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَكْثَرُهُمَا عِيَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute