للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْمُصَنِّفُ فَقَالَ مَا نَصُّهُ تَحْقِيقُ مَا هُنَا أَنَّ لِلشُّيُوخِ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ ثَلَاثَ طُرُقٍ.

الْأُولَى: إذَا لَمْ يُفَرِّطْ يَمْضِي الْبَيْعُ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِرَهْنٍ آخَرَ وَيُخَيَّرُ فِي فَسْخِ بَيْعِهِ الْأَوَّلِ وَإِمْضَائِهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ.

الثَّانِيَةُ: يَمْضِي الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَهَذِهِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ.

وَالثَّالِثَةُ: تَخْيِيرُ الْمُرْتَهِنِ بَيْنَ رَدِّ بَيْعِهِ وَإِمْضَائِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَهَذِهِ لِابْنِ الْقَصَّارِ.

فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي الْمُضِيِّ وَالتَّخْيِيرِ قَوْلَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَسْقُطُ طَلَبُ الرَّهْنِ وَيُخَيَّرُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا قَوْلَانِ، فَقَوْلُهُ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ رَهْنٍ آخَرَ اتِّفَاقًا إنْ فَرَّطَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ هُوَ إمَّا الْإِمْضَاءُ فَقَطْ وَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَإِمَّا التَّخْيِيرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ وَإِلَّا خُيِّرَ أَنَّ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ لِحَمْلِهِمَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى التَّفْرِيطِ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي الْإِمْضَاءِ وَسُقُوطِ الرَّهْنِ وَعَدَمِ الْإِمْضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الصَّادِقِ بِالْإِمْضَاءِ وَرَهْنُ الثَّمَنِ وَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ فَتَأَمَّلْ الْمُقَامَ فَإِنَّهُ قَدْ زَلَّتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ وَالْأَقْلَامُ. اهـ. وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَأَوَّلَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ فَرَّطَ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ وَلَا تَوَانٍ لَكَانَ لَهُ مَقَالٌ فِي رَدِّ الْبَيْعِ، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ مُشْتَرِيه كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ تَرَاخَى فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَبَادَرَ الرَّاهِنُ لِلْبَيْعِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا فُسِخَ الْبَيْعُ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا فَوَّتَهُ الرَّاهِنُ بِبَيْعِهِ كَانَ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَسُقُوطِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي التَّفْرِيطِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَإِمْضَائِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَدَمُ إمْضَائِهِ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ وَجَعْلُ الرَّهْنِ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَصَّارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>