وَلَا يَبِعْ مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ، أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ؟ قَوْلَانِ. .
ــ
[منح الجليل]
وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِ صُوَرٍ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ. .
(وَلَا يَبِعْ) بِتَقْدِيمِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَجَزْمِ الْمُضَارِعِ بِلَا النَّاهِيَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ يَبِيعُ بِرَفْعِهِ بِالتَّجَرُّدِ وَلَا نَافِيَةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ. الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى لَا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُنْتَخَبِ تُفِيدُ الْمَنْعَ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي نُسْخَةٍ بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْإِجَارَةِ أَيْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَيْعُ مُشْتَرٍ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا، فَالْبَيْعُ أَوْلَى فَالصَّوَابُ نُسْخَةُ الْمُضَارِعِ مَجْزُومًا أَوْ مَرْفُوعًا لِمُوَافَقَتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ قَبْلَ إخْبَارِ الْبَائِعِ بِاخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ إنْ حَضَرَ أَوْ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ (فَهَلْ يُصَدَّقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ) كَانَ (اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ) وَهَذَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا) أَيْ بَائِعِ السِّلْعَةِ (نَقْضُهُ) أَيْ فَسْخُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَأَخْذِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: فَإِنْ بَاعَ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute