للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا لِحَيْضٍ

وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أُجِّلَ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ،

ــ

[منح الجليل]

وَلَا يُعَارِضُ مَا فِي أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يُهَيِّئُ فِيهِ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الدُّخُولِ قَبْلَهُ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إمْهَالَهُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ أَمْرَهُ إنَّمَا هُوَ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا دَعَتْهُ لَهُ إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى إجْرَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّصُّ، فَكَلَامُ أَحْمَدَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ عَلَى دُخُولِهِ اللَّيْلَةَ لَيَطَأَهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُمَكَّنْ مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهَا لِحِنْثِهِ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْهُ إذْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى مُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا قَوْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ.

(لَا) تُمْهَلُ (لِحَيْضٍ) بِهَا أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ بِأَنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَمَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ أَوْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَتِهَا فَلَا تُمْهَلُ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةُ لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ.

(وَإِنْ) دَعَتْ زَوْجَهَا لِلدُّخُولِ بِهَا وَطَلَبَتْ حَالَّ الصَّدَاقِ فَ (لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، وَادَّعَى الْعَدَمَ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ (أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ الزَّوْجُ أَيْ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ (لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ فَقْرِ الزَّوْجِ فَيُؤَجَّلُ (ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ) ظَاهِرُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ يُؤَجَّلُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

ابْنُ عَرَفَةَ لَيْسَ هَذَا التَّحْدِيدُ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ لِاتِّفَاقِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا فَسَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أُخِذَ الْمَهْرُ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَأُمِرَ بِالْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُطَالَبَةُ، وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلِتَأْجِيلِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ وَجْهٍ خَشْيَةَ تَغَيُّبِهِ وَإِلَّا سُجِنَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَا يَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>