وَإِنْ بِسَفِينَةٍ، أَوْ بِرْذَوْنًا، وَهَجِينًا وَصَغِيرًا يُقْدَرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ
وَمَرِيضٍ رُجِيَ،
ــ
[منح الجليل]
يُسْهَمُ لِخَيْلٍ غُزَاةٍ قَاتَلُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ وَخَيْلِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهَا. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَجَعْلُهُ السَّهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهُ عَبْدًا أَوْ يَكُونَانِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ وَالْآخَرُ هُمَا لِلْفَارِسِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ فِي هَذِهِ وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ إنْ كَانَ بِبَرٍّ.
بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرَسُ أَوْ الْقِتَالُ (بِسَفِينَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَمْلِ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] وَهَلْ يُقَيَّدُ الْإِسْهَامُ لَهَا فِي السَّفِينَةِ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ قِتَالُهُمْ بِبَرٍّ وَلَوْ بِبَعْضِ مَكَان كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَوَّلًا كَمُسَافِرٍ مَالْطَاةَ عَالِمًا بِعَدَمِ قِتَالِهِمْ بِبَرٍّ أَصْلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِاحْتِمَالِ احْتِيَاجِهِمْ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَائِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (أَوْ) كَانَ الْفَرَسُ (بِرْذَوْنًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ غَلِيظَ الْأَعْضَاءِ إنْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعِرَابُ ضُمَّرٌ رَقِيقَةُ الْأَعْضَاءِ (وَهَجِينًا) مِنْ الْخَيْلِ أَيْ أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ لَا مِنْ الْإِبِلِ إذْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَعَكْسُ الْهَجِينِ اسْمُهُ مُقْرِفٌ اسْمُ فَاعِلِ أَقْرَفَ وَهُوَ مَا أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ أَيْ رَدِيءٌ (صَغِيرًا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُمَا الْإِمَامُ (يُقْدَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (بِهَا) أَيْ الْبِرْذَوْنُ وَالْهَجِينُ وَالصَّغِيرُ (عَلَى الْكَرِّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَالْفَرِّ) مِنْهُ وَقْتَ الْقِتَالِ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَقْتَ دُخُولِ أَرْضِهِمْ.
(وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مَرِيضٍ رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (بُرْؤُهُ) وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا أَعْجَفَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ ابْتِدَائِهِ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَمَّا إنْ مَرِضَ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى انْقِضَائِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْفَرَسُ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ يُسْهَمُ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute