وَضَالٍّ بِبَلَدِنَا، وَإِنْ بِرِيحٍ، بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ، وَمَرِيضٍ شَهِدَ:
ــ
[منح الجليل]
(وَ) كَ (ضَالَّ) أَيْ تَائِهِ عَنْ الْجَيْشِ (بِبَلَدِنَا) وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ حَتَّى غَنِمُوا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ لِلْجَيْشِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ إنْ ضَلَّ بِغَيْرِ رِيحٍ بَلْ (وَإِنْ) رُدَّ (بِرِيحٍ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَالْمَرْدُودِ بِرِيحٍ، فَإِنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُمْ يُسْهَمُ لَهُمْ مَعَ أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ وَصَلُوا وَاغْتَنَمُوا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى غَنِمُوا فَلَهُ سَهْمُهُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِسْهَامُ لَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ خِلَافَ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَقَدْ تَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ بِذَلِكَ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَلَكِنْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا ذَكَرْنَا.
(بِخِلَافِ) ضَالٍّ (بِبَلَدِهِمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ فَيُسْهَمُ لَهُ وَكَذَا يُسْهَمُ لِأَسَارَى مُسْلِمِينَ ظَفِرْنَا بِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا فِي الْحَدِيدِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا أَوَّلًا لِلْقِتَالِ وَغُلِبُوا عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.
(وَ) بِخِلَافِ (مَرِيضٍ شَهِدَ) أَيْ حَضَرَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَاسْتَمَرَّ يُقَاتِلُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْ الْقِتَالِ فَيُسْهَمُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ كَمُقْعَدٍ أَوْ أَعْرَجَ أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَعْمَى لَهُ رَأْيٌ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَرِيضُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا. وَكَذَا مَنْ شَهِدَ اللِّقَاءَ مَرِيضًا اهـ.
وَشَرَحَ الثَّانِيَةَ فِي التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا يُسْهَمُ لِمَنْ ابْتَدَأَ الْقِتَالَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إلَى أَنْ هُزِمَ الْعَدُوُّ. اهـ. وَبِهَذَا يَنْبَغِي تَقْرِيرُ كَلَامِهِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، فَيَشْمَلُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي جَعَلَهَا " ز " مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ وَتَكُونُ الصُّورَةُ الَّتِي قَرَّرَهُ بِهَا " ز " تَبَعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute