للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَّ فِي الْأَصَحِّ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ بِالْفَاتِحَةِ الثَّنَاءَ فِي الْجِنَازَةِ لَمْ يُكْرَهْ إلَّا إذَا قَرَأَ الْمُصَلِّي قَاصِدًا الثَّنَاءَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّهَا، فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا بِقَصْدِهِ (وَمَسُّهُ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ، وَكَأَنَّهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ.

(وَ) يَحْرُمُ بِهِ (طَوَافٌ) لِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِيهِ

(وَ) يَحْرُمُ (بِهِ) أَيْ بِالْأَكْبَرِ (وَبِالْأَصْغَرِ) مَسُّ مُصْحَفٍ: أَيْ مَا فِيهِ آيَةٌ كَدِرْهَمٍ وَجِدَارٍ، وَهَلْ مَسُّ نَحْوِ التَّوْرَاةِ كَذَلِكَ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا (إلَّا بِغِلَافٍ مُتَجَافٍ) غَيْرِ مُشَرَّزٍ

ــ

[رد المحتار]

حَرْفًا حَرْفًا كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي شَرْحِهَا، وَالْمُرَادُ مَعَ الْقَطْعِ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ، وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ تَعَلَّمَ نِصْفَ آيَةٍ نِهَايَةٌ وَغَيْرُهَا. وَنَظَرَ فِيهِ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْكَرْخِيَّ قَائِلٌ بِاسْتِوَاءِ الْآيَةِ وَمَا دُونَهَا فِي الْمَنْعِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِمَا دُونَهَا مَا بِهِ يُسَمَّى قَارِئًا وَبِالتَّعْلِيمِ كَلِمَةً كَلِمَةً لَا يُعَدُّ قَارِئًا اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْيَعْقُوبِيَّةِ. بَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ الْكَلِمَةُ آيَةً ك - ص - و - ق - نَقَلَ نُوحٌ أَفَنْدِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْجَوَازُ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُهُ فِي - {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٤]- تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَصَدَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَضْمُونِ مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ يَخْرُجُ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَصْدِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَصَدَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَضْمُونِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ الْمُصَلِّي الصَّلَاةَ الْكَامِلَةَ ذَاتَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تُجْزِيهِ) الضَّمَائِرُ تَرْجِعُ إلَى الْقِرَاءَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ إلَى الْفَاتِحَةِ ط.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا) وَهُوَ سُقُوطُ وَاجِبِ الْقِرَاءَةِ بِهَا.

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِهِ) أَيْ الثَّنَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَمَسُّهُ) أَيْ مَسُّ الْقُرْآنِ وَكَذَا سَائِرُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَفِي الْمُبْتَغَى: وَلَا يَجُوزُ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَسُّ الْقُرْآنِ الْمَنْسُوخِ تِلَاوَةً وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ قُرْآنًا مُتَعَبَّدًا بِتِلَاوَتِهِ، خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ وَحُكْمُهُ مَعًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: مُسْتَدْرَكٌ) أَيْ مُدْرَكٌ بِالِاعْتِرَاضِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ وَبِالْأَصْغَرِ مَسُّ مُصْحَفٍ فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِالْمُتَأَخِّرِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ لِوُقُوعِهِ فِي مَرْكَزِهِ ط: أَيْ بَلْ بِالْعَكْسِ.

(قَوْلُهُ: سَاقِطٌ) لَمْ يَسْقُطْ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ إلَّا قَوْلَهُ وَمَسُّهُ ح.

(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِيهِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَسْجِدٌ لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ بِدُونِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَهُ: أَيْ الطَّوَافَ مَعَ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ فِيهِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ تَجِبُ مِنْ الْأَصْغَرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ فِي عَدِّ الْوَاجِبَاتِ. قَالَ وَالطَّهَارَةُ فِيهِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَسُّ مُصْحَفٍ) الْمُصْحَفُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالضَّمُّ فِيهِ أَشْهَرُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أُصْحِفَ: أَيْ جُمِعَ فِيهِ الصَّحَائِفُ حِلْيَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا فِيهِ آيَةٌ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ مَا كُتِبَ فِيهِ قُرْآنٌ مَجَازًا، مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، أَوْ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ. قَالَ ح: لَكِنْ لَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ إلَّا بِالْمَكْتُوبِ: أَيْ مَوْضِعُ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي بَابِ الْحَيْضِ مِنْ الْبَحْرِ، وَقَيَّدَ بِالْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ مَا دُونَهَا لَا يُكْرَهُ مَسُّهُ كَمَا فِي حَيْضِ الْقُهُسْتَانِيِّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا جَرَى فِي قِرَاءَةِ مَا دُونَ آيَةٍ مِنْ الْخِلَافِ، وَالتَّفْصِيلِ الْمَارَّيْنِ هُنَاكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَسَّ يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ وَلَوْ أَصْغَرَ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فَكَانَتْ دُونَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَظَاهِرُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِلْقُرْآنِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِهِ اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ الْمُبْتَغَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ بَعْدَ النَّقْلِ إلَّا الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِالْآيَةِ لَا يَنْفِيهِ بَلْ رُبَّمَا تَلْحَقُ سَائِرُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ بِالْقُرْآنِ دَلَالَةً لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي وُجُوبِ التَّعْظِيمِ كَمَا لَا يَخْفَى، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ بِمَا لَمْ يُبْدَلْ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُشَرَّزٍ) أَيْ غَيْرُ مَخِيطٍ بِهِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُتَجَافِي قَالَ فِي. الْمُغْرِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>