اُنْظُرْ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَيَجْحَدُهَا " ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ.
وَمِنْ الْمُتَيْطِيِّ: إذَا تَرَافَعَا إلَيْهِ عُقِدَتْ فِي ذَلِكَ أَشْهَدَ الْقَاضِي عَلَيْهِ إلَيَّ فَادَّعَى مُدَفِّعًا أَجَلَهُ بِسَبَبِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ يُعْجِزُهُ وَشَاوَرَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَقَالَ إنْ نَوَى أَنْ تَشْهَدَ عَلَى تَعْجِيزِك لِفُلَانٍ وَعَلَى الْمُوَكِّلِينَ لَهُ وَأَنْ تَعُودَ الدَّارُ مِيرَاثًا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَلَيْسَ إنْكَارُ خَصْمِهِمْ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ صَارَتْ إلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْمُتَوَفَّى تُخْرِجُهُمْ عَنْ حِصَصِهِمْ مِنْهَا بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَهُمْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِاشْتِرَاكِهِمْ أَجْمَعِينَ فِيهَا بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إنْكَارُهُمْ عَلَى التَّعْنِيتِ لِلطَّالِبِ. ثُمَّ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَقَوْلُنَا يَعْنِي فِي هَذَا التَّسْجِيلِ حِكَايَةً عَنْ الْمُفْتِينَ وَلَيْسَ إنْكَارُ خَصْمِهِمْ إلَخْ. هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتْ الْأَحْكَامُ.
وَرَوَى حُسَيْنٌ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُمْ إذَا أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَارَ إلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْمُتَوَفَّى، فَلَمَّا ثَبَتَ الْأَصْلُ لِلْمُتَوَفَّى اسْتَظْهَرُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَارَ إلَيْهِمْ بِسَبَبٍ إمَّا بِصَدَقَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَكَذَبُوا بَيِّنَتَهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ مَنْ أَكْذَبَ بَيِّنَةً فَقَدْ أَسْقَطَهَا وَمَنْ أَوْجَبَ لَهُ السَّمَاعَ مِنْهَا بَعْدَ تَكْذِيبِهِ إيَّاهَا فَقَدْ فَتَحَ بَابَ التَّعْنِيتِ وَالتَّشْغِيبِ وَأَعَانَ عَلَيْهِ.
قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُعَامَلَةَ فَأَثْبَتهَا الطَّالِبُ فَاسْتَظْهَرَ الْمَطْلُوبَ بِالْبَرَاءَةِ بِدَفْعِهِ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُعَامَلَةِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
وَرَوَى حُسَيْنٌ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُ الْمُعَامَلَةِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ فَلَمَّا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِسَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ جَاءَ بِالْبَرَاءَةِ أَوْ شُهُودٍ عَلَى الدَّفْعِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
(وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلَا تُرَدُّ كَنِكَاحٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلَا تُرَدُّ كَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالرَّجْعَةِ.
(وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ ذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ كَأَنْ خَشِيَ تَفَاقُمَ الْأَمْرِ) اللَّخْمِيِّ: لَا يَدْعُو إلَى الصُّلْحِ إذَا تَبَيَّنَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا أَشْكَلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقِفُ وَلَا يَحْكُمُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مَتَى أَوْقَع الْحُكْمَ تَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَعَظُمَ الْأَمْرُ وَخُشِيَتْ الْفِتْنَةُ وَيَنْدُبُ أَهْلَ الْفَضْلِ إلَى تَرْكِ الْخُصُومَاتِ.
قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: كَانَ أَبِي رُبَّمَا رَدَّ الْخَصْمَيْنِ إلَّا مَنْ عُرِفَ بِالصِّحَّةِ وَالْأَمَانَةِ فَيَقُولُ لَهُمَا اذْهَبَا إلَى فُلَانٍ يُصْلِحُ بَيْنَكُمَا، فَإِنْ اصْطَلَحْتُمَا وَإِلَّا رَجَعْتُمَا إلَيَّ وَتَرَافَعَ إلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَبَى