أَصْحَابِهِ فَيَتَرَادُّونَ شَيْئًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَخْرَجُوهُ مِمَّا يُكْرَى وَقَدْ اُكْتُرِيَ كِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَتَرَاجَعُوا فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِتَسَاوِيهِمْ فِيهِ فَجَعَلْت ذَلِكَ كَرُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ. أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَوْ كَانَ كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةً وَالدَّابَّةُ دِرْهَمَيْنِ وَالرَّحَا دِرْهَمًا لَدَفَعَ صَاحِبُ الرَّحَا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْكِرَاءِ سِتَّةٌ فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ كِرَاءُ دَابَّتِهِ دِرْهَمَانِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ.
وَانْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةً فِي شُرَكَاءِ الْأَبْدَانِ إذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا فِي هَذَا خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الشَّرِكَةِ أَنْ يَرْعَى هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا جَازَ، وَكَذَا مُعَلِّمُو الصِّبْيَانِ. وَانْظُرْ أَيْضًا هَاهُنَا مَسْأَلَةً أُخْرَى.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ تَصَرُّفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَغَاصِبٍ أَمْ لَا. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لِأَحَدِ مَالِكَيْ عَبْدٍ ضَرْبُهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهُ إلَّا فِي ضَرْبِ أَدَبٍ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: رَأَى مَالِكٌ شَرِكَتَهُ شُبْهَةً تُسْقِطُ الضَّمَانَ فِي ضَرْبِ الْأَدَبِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ تَرْكَ ضَرْبِهِ أَدَبًا يُفْسِدُهُ.
وَانْظُرْ زَرْعَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَبِنَاءَهُ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِي كَوْنِهِ كَغَاصِبٍ يَقْلَعُ زَرْعَهُ وَبِنَاءَهُ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ الشَّرِكَةِ. اُنْظُرْهُ فِيهِ أَوَّلَ صَفْحَةٍ مِنْ الشَّرِكَةِ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ أَبُو حَفْصٍ: إذَا زَرَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حَظِّهِ مِنْ الْأَرْضِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ قَدْرَ حِصَّتِهِ بِخِلَافِ مَرْكَبٍ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ رَاكِبَهُ سَافَرَ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَى شَرِيكِهِ أَنْ يُسَافِرَ مَرْكَبُهُ بِغَيْرِ كِرَاءٍ وَالْأَرْضُ هِيَ عَلَى حَالِهَا. الْبُرْزُلِيِّ: وَكَذَا يَلْزَمُ فِي الدَّارِ أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا بِخِلَافِ الْمَرْكَبِ اهـ.
وَيَظْهَرُ مِنْ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّهُ رَجَّحَ هَذَا عَلَى فُتْيَا السُّيُورِيِّ فِي امْرَأَةٍ لَهَا شِقْصٌ بِدَارٍ بَقِيَتْ بِتِلْكَ الدَّارِ تَسْكُنُهُ وَحْدَهَا فَقَامَ عَلَيْهَا مَنْ لَهُ الْبَقِيَّةُ بِكِرَاءِ حَظِّهِ فَقَالَتْ: إنَّمَا سَكَنْتُ قَدْرَ حَظِّي. فَقَالَ السُّيُورِيُّ: عَلَيْهَا الْكِرَاءُ. وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَسْأَلَةَ الْبِئْرِ تَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَتَنْهَارُ وَالْعَيْنُ فَتَنْقَطِعُ فَيَعْمَلُ فِيهَا أَحَدُهُمَا وَيَأْبَى شَرِيكُهُ أَنْ يَعْمَلَ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَاءِ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِشَرِيكِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ.
(وَقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ) تَبِعَ خَلِيلٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَكَثِيرًا مَا هُوَ يَتْبَعُ ابْنَ شَاسٍ، وَهَذَا الْفَصْلُ فِي ابْنِ شَاسٍ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ إذْ جَعَلَهُمَا فَصْلَيْنِ: الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ فِي الطُّرُقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute