الْمُدَوَّنَةِ: " لَا يَجُوزُ إذَا افْتَرَقَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ صَنْعَتُهُمْ وَاحِدَةً " لِاخْتِلَافِ نَفَاقِ الْأَعْمَالِ فِي الْمَوَاضِعِ فَرُبَّمَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا لِكَثْرَةِ الْعَمَلِ فِي مَوْضِعِهِ وَيَبْطُلُ الْآخَرُ فَصَارَ ذَلِكَ تَفَاضُلًا فِي الشَّرِكَةِ، وَمِنْ سُنَنِهَا الْمُسَاوَاةُ، وَذَلِكَ فِي شَرِكَتِهِمَا فِي عَمَلِ الْأَيْدِي.
فَأَمَّا إنْ كَانَا يَتَّجِرَانِ فِي الصَّنْعَتَيْنِ بِأَمْوَالِهِمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ.
قَالَ أَشْهَبُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَا مَالًا مُتَسَاوِيًا عَلَى أَنْ يَقْعُدَ هَذَا بَزَّازًا وَهَذَا عَطَّارًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِ وَقَدْ تَسَاوَيَا فِيهِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اشْتَرَكَ ذَوُو صَنْعَةٍ عَلَى عَمَلِ أَيْدِيهِمَا وَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى رَأْسِ مَالٍ عَلَى أَنَّ عَلَى أَحَدِهِمَا ثُلُثَ الْعَمَلِ وَلَهُ ثُلُثُ الْكَسْبِ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ الضَّيَاعِ وَثُلُثَا ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَهُ ثُلُثُ الْكَسْبِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَالْأَمْوَالِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ شَرِيكَا الصَّنْعَةِ وَمِنْ رَأْسِ مَالٍ أَخْرَجَاهُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَعَمِلَا جَمِيعًا.
وَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ يَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْوَضِيعَةِ وَالْعَمَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ يُونُسَ: فَإِذَا احْتَاجَ الصَّانِعَانِ إلَى رَأْسِ مَالٍ، أَخْرَجَاهُ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمَا وَلَا يَفْتَرِقَانِ بِخِلَافِ التَّجْرِ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَيْنِ وَإِنْ احْتَاجَا إلَى رَأْسِ مَالٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا الصَّنْعَةُ لَا مَا يُخْرِجَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَتْ صَنْعَةٌ لَا قَدْرَ لَهَا وَالْمُبْتَغَى مِنْهَا التَّجْرُ لَجَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا.
(وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلٍّ آلَةً وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ افْتَقَرَتْ الْآلَةُ كَالْكَمْدِ وَصَيْدِ الْجَوَارِحِ وَحَمْلِ الدَّوَابِّ جَازَتْ بِشَرْطِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ. وَهَذَا ظَاهِرُ الْكِتَابِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا كِرَاءً وَتَسَاوَيَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى. وَأَجَازَ سَحْنُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute