وَالرَّسْمِيِّ لِأَنَّ الْمُعَرِّفَ هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْحَدِّ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ وَرُبَّمَا يُطْلَقُ الْحَدُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحَدُّ حَقِيقِيٌّ وَرَسْمِيٌّ وَلَفْظِيٌّ لَكِنْ قَالَ شُرَّاحُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيهِ مَجَازٌ لِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِلْحَقِيقَةِ بِأَجْزَائِهَا وَذَاتِيَّاتِهَا وَالْمُرَادُ بِمَاهِيَّاتِ الْحَقَائِقِ هُنَا أَيْ مَدْلُولِ الْحَقَائِقِ الْفَرْعِيَّةِ لِأَنَّ مُرَادَهُ بَيَانُ مَدْلُولِ مَا هُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ وَمَا شَابَهَهَا وَقَوْلُهُ الْحَقَائِقُ جَمْعُ حَقِيقَةٍ وَهِيَ الْمَاهِيَّةُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي اصْطِلَاحِ التَّخَاطُبِ وَهُوَ يَشْمَلُ الْحَقَائِقَ اللُّغَوِيَّةَ وَالْعُرْفِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَلِّهِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْحُدُودِ وَالْبَحْثِ
وَالْمُرَادُ هُنَا الشَّرْعِيَّةُ وَلَمَّا كَانَتْ الشَّرْعِيَّةُ رُبَّمَا شَمِلَتْ الدِّينِيَّةَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ زَادَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَيْدَ الْفِقْهِيَّةِ لِتَخْرُجَ الدِّينِيَّةُ ثُمَّ زَادَ فِي الْقَيْدِ الْكُلِّيَّةَ احْتِرَازًا مِنْ الشَّخْصِيَّةِ وَقَوْلُهُ لَمَّا عَرَضَ مِنْ النَّقْلِ وَالتَّخْصِيصِ عِلَّةً فِي كَوْنِهَا صَارَتْ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً فَرْعِيَّةً لِأَنَّهَا عَرَضَ لَهَا نَقْلٌ مِنْ أَصْلِ اللُّغَةِ كَالصَّلَاةِ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لِلدُّعَاءِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى عِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَمِثْلُ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ ثُمَّ خُصِّصَ فِي الشَّرْعِ بِإِمْسَاكٍ مَخْصُوصٍ فَقَوْلُهُ مِنْ نَقْلِ وَتَخْصِيصِ مَعْنَاهُ مِنْ نَقْلٍ فِي بَعْضِ الْحَقَائِقِ وَتَخْصِيصٍ فِي الْبَعْضِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إلَى الْخِلَافِ فِي الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ هَلْ فِيهَا نَقْلٌ مِنْ الشَّارِعِ أَوْ لَيْسَ فِيهَا نَقْلٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَيَكُونُ أَشَارَ إلَى الْمَذْهَبَيْنِ الْمَعْلُومَيْنِ وَانْظُرْ الْعَضُدَ وَالتَّفْتَازَانِي وَغَيْرَهُمَا وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَتَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ مِنْ نَقْلٍ وَتَخْصِيصٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ انْحَصَرَتْ فِي النَّقْلِ وَالتَّخْصِيصِ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْوَاقِعَ مِنْهَا إمَّا نَقْلٌ مَعَ مُنَاسَبَةٍ غَلَبَ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْمَنْقُولِ إلَيْهِ حَتَّى تَبَادَرَ فِي الذِّهْنِ مَعْنَاهُ أَوْ مَعَ نَقْلٍ لَا بِشَرْطِ مُنَاسَبَةٍ أَوْ مَعَ وَضْعٍ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَهَذَا الثَّالِثُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّهُ يَمْنَعُ الثَّالِثَ وَفَرَّعَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ وَاقِعَةٌ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي
فَإِنْ قِيلَ هَلَّا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ نَقْلٍ وَتَخْصِيصٍ وَتَعْمِيمٍ لِأَنَّهُمْ قَالُوا الْغَالِبُ فِي الشَّرْعِ إمَّا النَّقْلُ أَوْ تَخْصِيصُ مَعْنَى اللُّغَةِ قَالُوا وَقَدْ وَرَدَ تَعْمِيمُ الشَّرْعِ لِمَا خَصَّصَتْهُ اللُّغَةُ كَالْيَمِينِ فَإِنَّهَا فِي اللُّغَةِ قَسَمٌ بِالتَّاءِ أَوْ بِإِحْدَى أَخَوَاتِهَا وَفِي الشَّرْعِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَعَمُّ مِنْ مَدْلُولِ اللُّغَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute