رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ مِنْ سَنَةِ ٧٩٢ وَأَنَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ دَرْسًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ مُخْتَصَرِهِ وَكَانَ شَخْصٌ مِنْ الطَّلَبَةِ الْمَوْسُومِينَ بِالتَّمَشْدُقِ وَالْإِكْثَارِ بِمَا لَا يُجْدِي حَاضِرٌ فِي الْمَجْلِسِ فَمَرَّ مَوْضِعٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ عَادَ فِيهِ ضَمِيرٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَيْفَ أَعَدْتُمْ الضَّمِيرَ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالنَّحْوِيُّونَ بِخِلَافِهِ فَأَجَابَهُ الشَّيْخُ فَوْرًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] وَفِيهِ مِنْ اللُّطْفِ مَا لَا يَخْفَى وَالْحَالُ أَنَّ النَّحْوِيِّينَ إنْ وُجِدَ ضَمِيرٌ يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَى الْمُضَافِ أَوْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَعَوْدُهُ إلَى الْمُضَافِ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُحْدَثُ عَنْهُ وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَوْدَهُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ اهـ كَلَامُهُ. وَاسْتَخْلَفَ فِي هَذِهِ الْحُجَّةِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالْفَتْوَى بِالْجَامِعِ تِلْمِيذَهُ قَاضِيَ الْجَمَاعَةِ أَبَا مَهْدِيٍّ عِيسَى الْغُبْرِينِيَّ وَعَلَى الْخَطَابَةِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيَّ ثُمَّ آبَ فِي جُمَادَى الْأَوَّلِ سَنَةَ ٧٩٣ وَبَاشَرَ خُطَطَهُ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ٨٠٣ وَدُفِنَ بِالْجَلَّازِ وَأَرْخَتْ وَفَاتُهُ بِتَارِيخَيْنِ أَحَدُهُمَا خَرَجَ وَالْآخَرُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الشَّابَاطِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا خَوْفُ الْحَاجَةِ فِي الْكِبَرِ مَا بِتُّ وَعِنْدِي عَشْرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ فِيهِ: انْتَهَتْ إلَيْهِ الرِّئَاسَةُ فِي قُطْرِهِ أَجْمَعَ فِي الْفُنُونِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْمُشَاوَرَةِ مَعَ خُشُونَةِ جَانِبِهِ وَشِدَّةِ عَارِضَتِهِ وَبَرَاءَتِهِ مِنْ الْمُدَاهَنَةِ وَحِرْزِهِ مِنْ الْمُخَاشَنَةِ. وَقَالَ الْغُبْرِينِيُّ: يَقُومُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جَامِعِ الزَّيْتُونَةِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى عَجَزَ قُرْبَ وَفَاتِهِ " مُؤَلَّفَاتُهُ ". أَمَالِي فِي التَّفْسِيرِ جَمَعَهَا تِلْمِيذُهُ الْأَبِيُّ. نَظَمَ قِرَاءَةَ يَعْقُوبَ بِرِوَايَتَيْ الدَّانِيِّ وَابْنِ شُرَيْحٍ. نَظَمَ تَكْمِلَةَ الْقَصْدِ لِخَلَفِ ابْنِ شُرَيْحٍ. أَمَالِي فِي الْحَدِيثِ. أَمَالِي فِي الْحِكَمِ الشَّرْعِيَّةِ. مُخْتَصَرٌ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ عَارَضَ بِهِ طَوَالِعَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ. نَظَمَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. مُخْتَصَرٌ فِي الْفِقْهِ أَحْصَى فِيهِ كَثِيرًا مِنْ فُرُوعِ الْمَذْهَبِ وَأَوْدَعَهُ مُنَاقَشَاتٍ نَفِيسَةً مَعَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَارِحِهِ مُعَوِّلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَصَدَّرَ كُلَّ بَابٍ بِحَدِّهِ ابْتَدَأَ تَصْنِيفَهُ سَنَةَ ٧٧٢ وَأَكْمَلَهُ سَنَةَ ٧٨٦ مُخْتَصَرٌ فِي النَّحْوِ. مُخْتَصَرٌ فِي الْمَنْطِقِ أَوْدَعَهُ اعْتِرَاضَاتٍ كَثِيرَةً عَلَى شُيُوخِ الْفَنِّ وَمِمَّا يُرْوَى عَنْهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
بَلَغْت الثَّمَانِينَ بَلْ جُزْتهَا ... فَهَانَ عَلَى النَّفْسِ صَعْبُ الْحِمَامِ
وَآحَادُ عَصْرِي مَضَوْا جُمْلَةً ... وَصَارُوا خَيَالًا كَطَيْفِ الْمَنَامِ
وَأَرْجُو بِهِ نَيْلَ صَدْرِ الْحَدِيثِ ... بِحُبِّ اللِّقَاءِ وَكُرْهِ الْمَقَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute