للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ أَصْلُهُ وَمَنْشَؤُهُ: هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ الْوَرْغَمِّيُّ وُلِدَ سَنَةَ ٧١٦ وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ إلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَكَانَ يَعْمُرُ بَعْضَ اللَّيْلِ بِالتَّهَجُّدِ ثُمَّ يَدْعُو لِوَلَدِهِ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ وَنَشَأَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ بِحَزْمٍ وَجِدٍّ وَلَازَمَ الْأَجِلَّةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقْتَبِسُ مِنْ أَنْوَارِهِمْ فَأَخَذَ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ عَنْ ابْنِ سَلَامَةَ. قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ «إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ» إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَرَفَةَ ذَهَبَ وَالِدِي إلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَسْتَشِيرُهُ فِيمَنْ أَقْرَأُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْك بِابْنِ سَلَامَةَ فَإِنَّ مِيعَادَهُ نَقِيٌّ وَإِيَّاكَ فُلَانًا فَإِنِّي سَمِعْت عَنْهُ وَعَنْ مِيعَادِهِ شَرًّا. وَأَخَذَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ وَالْفِقْهَ وَالْحَدِيثَ وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ تَلَامِيذِهِ مُلَازَمَةً لَهُ وَأَخَذَ الْفَرَائِضَ عَنْ وَالسَّطِّيِّ وَأَخَذَ الْمَنْطِقَ وَالْجَدَلَ عَنْ ابْنِ الْحُبَابِ وَأَخَذَ الْحِسَابَ وَعُلُومًا عَقْلِيَّةً أُخْرَى عَنْ الْأُبُلِّيِّ.

قَالَ الشَّيْخُ بَابَا نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْأَزْرَقِ وَوَقَفْت فِي مَكْتُوبٍ لِابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ عَنْ ابْنِ الْحُبَابِ جُمْلَةً مِنْ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ قِرَاءَةَ بَحْثٍ وَتَحْقِيقٍ وَجُمْلَةً مِنْ التَّسْهِيلِ عَلَى بَعْضِ شُيُوخِهِ وَسَمِعَ إلْقَاءَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التَّفْسِيرَ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ لِآخِرِهِ بِمَا يَجِبُ لِذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ أَحْكَامِ الِاعْتِقَادِ وَالْفِقْهِ وَقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْبَيَانِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تَتَوَقَّفُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ عَلَيْهِ مَعَ مُرَاجَعَةٍ وَبَحْثٍ وَسُؤَالٍ وَجَوَابٍ وَقَرَأْت عَلَيْهِ جَمِيعَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِهِ إلَّا يَسِيرًا وَسَمَّعْت عَلَيْهِ بَعْضَ الْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّأُ وَقَرَأْت عَلَيْهِ جُمْلَةً مِنْ التَّهْذِيبِ. وَتَبَرَّزَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا دَرَسَهُ عَلَى كَثْرَتِهِ وَصُعُوبَةِ بَعْضِهِ. وَمِمَّا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِيهِ: شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِالْمَغْرِبِ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ سَلَامَةَ وَابْنِ بَلَّارٍ وَاشْتَغَلَ وَمَهَرَ فِي الْفُنُونِ وَأَتْقَنَ الْمَعْقُولَ حَتَّى صَارَ الْمَرْجِعَ فِي الْفُنُونِ إلَيْهِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ مُعَظَّمًا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَمَنْ دُونَهُ مَعَ دِينٍ مَتِينٍ وَصَلَاحٍ وَقَدْ انْتَصَبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلتَّدْرِيسِ وَأَخَذَ عَنْهُ جَهَابِذَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا يُقَارِبُ النِّصْفَ قَرْنٍ. وَمِمَّنْ أَخَذَهُ وَتَخَرَّجَ عَنْهُ الشَّيْخُ الْبُرْزُلِيُّ وَالشَّيْخُ الْأَبِيُّ وَالشَّيْخُ الرَّصَّاعُ وَالشَّيْخُ ابْنُ عَلْوَانَ وَأَضْرَابُهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. وَكَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ فِي دَرْسِهِ

إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ الدَّرْسِ نُكْتَةٌ ... وَتَقْرِيرُ إيضَاحٍ لِمُشْكِلٍ صُوَرَهْ

<<  <   >  >>