الِاقْتِدَاءُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَقَدْ اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ، مَعَ مَنْعِهِ مِنْ بِنَاءِ الظُّهْرِ عَلَى الْجُمُعَةِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ ائْتِمَامِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَمُصَلِّي الظُّهْرِ بِمُصَلِّي الْعَصْرِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَاعْتَذَرَ لَهُ بِكَوْنِهِ لَمْ يُدْرِكْ مَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ صِحَّةُ الدُّخُولِ إذَا أَدْرَكَ مَا يُعْتَدُّ بِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّلَاةِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (السُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ تَصِحَّ) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا قَالُوهُ: وَتَصِحُّ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ. انْتَهَى. وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَنَحْوِهَا لَهُ لِعُذْرٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: مَنْ تَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ، فَلَمَّا أَذَّنَ جَاءَ فَصَلَّى، قُدَّامَهُ عُذِرَ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَالَ: قُلْت وَهُوَ مُخَرَّجٌ مَنْ تَأَخُّرِ الْمَرْأَةِ فِي الْإِمَامَةِ. انْتَهَى.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ.
تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ تَصِحَّ " أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَأْمُومِ فَقَطْ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ أَيْضًا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي النُّكَتِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ مَنْ يُصَلِّي قُدَّامَهُ، مَعَ عِلْمِهِ، لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، أَوْ لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ الْإِمَامَةَ بِالرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ بِمَنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَنًّا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ فَصَلَّوْا قُدَّامَهُ، انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَالِ. كَمَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ مَنْ عَادَتُهُ حُضُورُ جَمَاعَةٍ عِنْدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute