وَمَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا جَازَ مَنْعُهَا أَوْ وَجَبَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةٌ نُهِيَتْ عَنْ الْخُرُوجِ.
قَالَ الْقَاضِي: مِمَّا يُنْكَرُ خُرُوجُهَا عَلَى وَجْهٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: يُكْرَهُ مَنْعُهَا إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَا ضَرَرًا، وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: يُمْنَعْنَ مِنْ الْعِيدِ أَشَدَّ الْمَنْعِ، مَعَ زِينَةٍ وَطِيبٍ وَمُفْتِنَاتٍ، وَقَالَ: مَنْعُهُنَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ الْخُرُوجِ أَنْفَعُ لَهُنَّ وَلِلرِّجَالِ مِنْ جِهَاتٍ، وَمَتَى قُلْنَا: لَا تُمْنَعُ فَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا، وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (هَلْ يُسَنُّ لَهُنَّ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا؟) . فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَرَاهَةَ تَطَيُّبِهَا إذَا أَرَادَتْ حُضُورَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَحْرِيمُهُ أَظْهَرُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ.
الثَّانِيَةُ: السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ كَالزَّوْجِ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي الْمَنْعِ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا غَيْرُهُمَا، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ قُلْنَا بِمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: إنَّ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى: فَوَاضِحٌ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ مَا يَمْنَعُ الْخُرُوجَ شَرْعًا فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَيْسَ لِلْأُنْثَى أَنْ تَنْفَرِدَ، وَلِلْأَبِ مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ دُخُولُ مَنْ يُفْسِدُهَا، وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ (الزَّوْجُ أَمْلَكُ مِنْ الْأَبِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي هَذَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ قَامَ أَوْلِيَاؤُهَا مَقَامَهُ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ الْمَحَارِمُ، اسْتِصْحَابًا لِلْحَضَانَةِ، وَعَلَى هَذَا: فِي الرِّجَالِ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَالْخَالِ أَوْ الْحَاكِمِ الْخِلَافُ فِي الْحَضَانَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute