وَقِيلَ: لَا يُدْرِكُهَا إلَّا بِرَكْعَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: وَعَلَيْهَا إنْ تَسَاوَتْ الْجَمَاعَةُ فَالثَّانِيَةُ مِنْ أَوَّلِهَا أَفْضَلُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: مَا نَقَلَهُ صَالِحٌ، وَأَبُو طَالِبٍ، وَابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجُّ عَرَفَةَ» أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضْلَ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ يُدْرِكُ فَضْلَ الْحَجِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَمَعْنَاهُ: أَصْلُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ، لَا حُصُولُهَا فِيمَا سُبِقَ بِهِ فَإِنَّهُ فِيهِ مُنْفَرِدٌ حِسًّا وَحُكْمًا إجْمَاعًا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِمُجَرَّدِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ سَلَامِهِ، سَوَاءٌ جَلَسَ أَوْ لَمْ يَجْلِسْ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُدْرِكُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، وَقَبْلَ سَلَامِهِ. وَحَمَلَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا إذَا كَبَّرَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ الْأُولَى، وَقَبْلَ سَلَامِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقِيلَ: يُدْرِكُهَا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَعَنْهُ يُدْرِكُهَا أَيْضًا إذَا كَبَّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَكَانَ تَكْبِيرُهُ قَبْلَ سُجُودِهِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ فَلَوْ خَالَفَ وَقَامَ قَبْلَ سَلَامِهِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ، فَيَقُومُ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْهَا، إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ خَرَجَ مِنْ الِائْتِمَامِ، وَبَطَلَ فَرْضُهُ وَصَارَ نَفْلًا.
زَادَ بَعْضُهُمْ: صَارَ نَفْلًا بِلَا إمَامٍ، وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute