ثُمَّ قَالَ: وَيَشْهَدُ لِسُقُوطِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوُجُوبَ يَسْقُطُ بِهِ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ. وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ مَعَ غَيْرِهِ.
السَّادِسَةُ: عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ: هَلْ يَجِبُ بِأَمْرِ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا بِهِ؟ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَأَبِي دَاوُد: إنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ يَأْمُرَانِهِ بِالتَّزْوِيجِ: أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ، أَوْ كَانَ شَابًّا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ: أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ. فَجَعَلَ أَمْرَ الْأَبَوَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا، إنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ تَزَوَّجَ.
السَّابِعَةُ: وَعَلَى الْقَوْلِ أَيْضًا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ: هَلْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ؟ صَرَّحَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي مُفْرَدَاتِهِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ. قُلْت: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومَاتِ كَلَامِهِمْ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ.
الثَّامِنَةُ: يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يَتَزَوَّجُ، وَإِنْ خَافَ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ ضَرُورَةٌ لِلنِّكَاحِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي نُكَتِهِ: لَيْسَ لَهُ النِّكَاحُ. سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ، أَوْ لَا؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَعَلَى تَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا مُسْلِمَةً. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَلَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute