وَأَمَّا مَاءُ الْقُرُوحِ: فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: هُوَ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ وَإِلَّا فَلَا. قُلْت: مِنْهُمْ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، وَالْمِدَّةِ. وَأَمَّا مَا يَسِيلُ مِنْ الْفَمِ وَقْتَ النَّوْمِ: فَطَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " وَأَثَرُ الِاسْتِنْجَاءِ " أَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ. يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: لَوْ قَعَدَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ نَجَّسَهُ، أَوْ عَرَقٍ فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِالْكُلِّيَّةِ.
أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ الْعُكْبَرِيُّ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا: يُعْفَى عَنْ عَرَقِ الْمُسْتَجْمِرِ فِي سَرَاوِيلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّ أَثَرَ الِاسْتِجْمَارِ طَاهِرٌ. لَا أَنَّهُ نَجِسٌ وَيُعْفَى عَنْهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ إلَّا فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي سَرَاوِيلِهِ.
قَوْلُهُ (وَعَنْهُ فِي الْمَذْيِ، وَالْقَيْءِ، وَرِيقِ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. وَالطَّيْرِ، وَعِرْقِهِمَا، وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَالنَّبِيذِ، وَالْمَنِيِّ: أَنَّهُ كَالدَّمِ) . يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ كَالدَّمِ، عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمَذْيُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute