قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. يَعْنِي: أَنَّ الرَّضَاعَ يَتْبَعُ الْحَضَانَةَ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ. وَلَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ. فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: لَيْسَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إلَّا وَضْعُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ فِي فَمِ الطِّفْلِ وَحَمْلُهُ، وَوَضْعُهُ فِي حِجْرِهَا. وَبَاقِي الْأَعْمَالِ فِي تَعَهُّدِهِ: عَلَى الْحَاضِنَةِ، وَدُخُولُ اللَّبَنِ تَبَعًا. كَنَقْعِ الْبِئْرِ، عَلَى مَا يَأْتِي. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْهَدْيِ: عَنْ هَذَا الْقَوْلِ اللَّهُ يَعْلَمُ، وَالْعُقَلَاءُ قَاطِبَةً: أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّ وَضْعَ الطِّفْلِ فِي حِجْرِهَا لَيْسَ مَقْصُودًا أَصْلًا وَلَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، لَا عُرْفًا وَلَا حَقِيقَةً، وَلَا شَرْعًا. وَلَوْ أَرْضَعَتْ الطِّفْلَ وَهُوَ فِي حِجْرِ غَيْرِهَا أَوْ فِي مَهْدِهِ، لَاسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ. وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ إلْقَامَ الثَّدْيِ الْمُجَرَّدِ لَاسْتُؤْجِرَ لَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَهَا ثَدْيٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ. فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ حَقًّا وَالْفِقْهُ الْبَارِدُ. انْتَهَى. وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَانَةِ، وَأَطْلَقَ: لَمْ يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَمْ يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: يَلْزَمُهَا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ.
وَمِنْهَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعِ: خِدْمَةُ الصَّبِيِّ، وَحَمْلُهُ، وَوَضْعُ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا اللَّبَنُ: فَيَدْخُلُ تَبَعًا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ، وَاللَّبَنُ تَبَعٌ، يَسْتَحِقُّ إبْلَاغَهُ بِالرَّضَاعِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ، الصَّحِيحُ: أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ. وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا. قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ: لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ يَهْلِكُ بِالِانْتِفَاعِ. لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute