فِيمَا إذَا قَالَ: بِعْتنِي هَذَيْنِ بِمِائَةٍ. قَالَ: بَلْ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ أَوْ بِمِائَةٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ. لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَيْعِ الْآخَرِ. مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ السَّابِقَ مَوْجُودٌ هُنَا. وَهُوَ مُشْكِلٌ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ
الْبَيْعُ بِالصِّفَةِ نَوْعَانِ.
أَحَدُهُمَا: بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي التُّرْكِيَّ، وَيَذْكُرُ صِفَاتِهِ. فَهَذَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَجُوزُ التَّفَرُّقُ. قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَقَبْضِ الْمَبِيعِ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ.
الثَّانِي: بَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدًا تُرْكِيًّا. ثُمَّ يَسْتَقْصِي صِفَاتِ السَّلَمِ. فَيَصِحُّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَقْيَسِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَمِ. فَمَتَى سَلَّمَ إلَيْهِ عَبْدًا عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفَهُ لَهُ. فَرَدَّهُ عَلَى مَا وَصَفَهُ لَهُ، فَأَبْدَلَهُ: لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ. لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى عَيْنِ هَذَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ. لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَمْضِ وَيَشْتَرِهِ وَيُسَلِّمْهُ " وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ التَّفَرُّقُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، أَوْ قَبْضِ ثَمَنِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute