فِي الْمَدَائِنِ: فَيَجُوزُ بَيْعُهَا. لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اقْتَطَعُوا الْخُطَطَ فِي الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبَنُوهَا مَسَاكِنَ وَتَبَايَعُوهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَتْ إجْمَاعًا. انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ (وَأَرْضٍ مِنْ الْعِرَاقِ فُتِحَتْ صُلْحًا) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْأَرْضِ. لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِهَا، كَمَا مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَنَحْوُهُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ وَشِبْهِهَا. لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا فُتِحَ عَنْوَةً " لِكَوْنِ عُمَرَ وَقَفَهَا. وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَكَان وُقِفَ. كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَيْسَ كُلُّ مَا فُتِحَ صُلْحًا يَصِحُّ بَيْعُهُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ إجَارَتُهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: إجَارَتَهَا مُؤَقَّتَةً.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ وَلَا إجَارَتُهَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ فُتِحَتْ صُلْحًا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَأَكْثَرُ مَكَّةَ فُتِحَ عَنْوَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute