قُلْت: قَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُمْكِنُ فِعْلُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ بِيَسِيرٍ. ثُمَّ يُدْرِكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ لَبَّى) . يَعْنِي إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ. قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءُ التَّلْبِيَةِ عَقِبَ إحْرَامِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ التَّلْبِيَةُ حِينَ يُحْرِمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: يُلَبِّي مَتَى شَاءَ سَاعَةَ يُسَلِّمُ، وَإِنْ شَاءَ بَعْدُ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ. اخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ. الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ عَنْ أَخْرَسَ وَمَرِيضٍ. نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَعَنْ مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ. زَادَ بَعْضُهُمْ: وَنَائِمٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ: أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمَفْهُومَةَ كَنُطْقِهِ. قُلْت: الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ بِالتَّلْبِيَةِ تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ بِهَا، حَيْثُ عَلِمْنَا إرَادَتَهُ لِذَلِكَ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (لَبَّى تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَى آخِرِهِ ") . أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ لَا يُكْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute