وَأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ. قَالَ: وَسَبَقَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي التَّمْرِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُبَاحِ: يُزَكِّيهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْعَسَلِ، فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ، فَدَلَّ أَنَّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: لَا زَكَاةَ فِي الْعَسَلِ مِنْ الْمُبَاحِ [عِنْدَ أَحْمَدَ] وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمَجْدُ: أَنَّهُ الْقِيَاسُ، لَوْلَا الْأَثَرُ، فَيُقَالُ: قَدْ تَبَيَّنَ الْكَلَامُ فِي الْأَثَرِ، ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى تَسَاوَيَا فِي الْحُكْمِ وَتُرِكَ الْقِيَاسُ. كَمَا تَعَدَّى فِي الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ. انْتَهَى. فَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ إيمَاءٌ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
قَوْلُهُ (وَنِصَابُهُ عَشَرَةُ أَفْرَاقٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا: أَنَّ نِصَابَهُ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ كَالزَّيْتِ. قَالَ: لِأَنَّهُ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ فِيهِ، فَاعْتُبِرَ خَمْسَةُ أَمْثَالِهِ كَالْوَسْقِ.
قَوْلُهُ (كُلُّ فَرَقٍ سِتُّونَ رَطْلًا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّسْهِيلِ، وَالْمُبْهِجِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَقِيلَ: سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَطْلًا. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنَفَاهُ الْمَجْدُ، وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ قَوْلًا: أَنَّهُ مِائَةُ رَطْلٍ، قَالَ: وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ، وَقِيلَ: نِصَابُهُ أَلْفُ رَطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي نَقَلَ أَبُو دَاوُد: مِنْ كُلِّ عَشْرٍ قِرَبٍ قِرْبَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute